فيزيائيون يتوصلون لطريقة للحصول على المادة والمادة المضادة باستخدام الضوء

أعلن فريق بحثي من معهد العلوم التطبيقية في الأكاديمية الروسية للعلوم، "إياب راس" (IAP RAS)، أنهم توصلوا إلى حساب كيفية الحصول على المادة المضادة باستخدام الليزر. أي أننا قد نتمكن قريباً من صنع المادة والمادة المضادة من الضوء، وذلك بتركيز نبضات ليزرية عالية الطاقة.

لنشرح ذلك قليلاً. يتكون الضوء من فوتونات عالية الطاقة، وعندما تجتاز هذه الفوتونات عالية الطاقة حقولاً كهربائية قوية، فإنها تفقد ما يكفي من الإشعاع حتى تتحول إلى أشعة جاما، مما يؤدي إلى نشوء أزواج إلكترون – بوزيترون، ونشوء حالة جديدة من المادة.

يقول إيجور كوستيوكوف من معهد "إياب راس"، والذي ينسب حسابات الفريق إلى مفهوم الكهرديناميكا (الديناميكا الكهربائية) الكمومية (QED): "يمكن لحقل كهربائي قوي، بشكل عام، أن يؤثر على الفراغ بشكل كبير، حيث إن الفراغ مليء بـ (الجسيمات الافتراضية) مثل أزواج الإلكترون – البوزيترون. يمكن للحقل أن يحول جسيمات كهذه من الحالة الافتراضية، التي لا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر، إلى حالة حقيقية."

إن الشلال الكهرديناميكي الكمومي عبارة عن سلسلة من العمليات التي تبدأ بتسارع إلكترونات وبوزيترونات ضمن حقل ليزري. يتبع هذا إطلاق فوتونات وإلكترونات وبوزيترونات عالية الطاقة. وباضمحلال الفوتونات عالية الطاقة، تنتج أزواج إلكترون –بوزيترون. أي أن الشلال الديناميكي الكمومي سيؤدي إلى إنتاج بلازما من الإلكترونات والبوزيترونات الناتجة عن الفوتونات عالية الطاقة، وعلى الرغم من أن هذه النظرية توضح بشكل جيد هذه الظاهرة الكهرديناميكية الكمومية، إلا أنه لم يتم برهانها مخبرياً حتى الآن.

بناء على هذا، فقد راقب الباحثون كيف يمكن لنبضات ليزرية عالية الشدة أن تتفاعل مع رقاقة معدنية، وذلك باستخدام عمليات محاكاة حسابية، وقد تفاجؤوا باكتشاف أن نسبة الفوتونات عالية الطاقة التي نتجت عن البوزيترونات أكثر من تلك الناتجة عن الإلكترونات في الرقاقة المعدنية.

وإن تمكنا من إنتاج كمية كبيرة من البوزيترونات في تجربة قابلة للتكرار، فإنه من المؤكد أنها كانت ناتجة عن شلال كهرديناميكي كمومي.

أهمية كبيرة

يبدو هذا الموضوع شديد التعقيد، ولكن المختصر المفيد أن هذا الاكتشاف قد يفتح أبواباً جديدة فيما يتعلق بإنتاج المادة والمادة المضادة، بجدوى اقتصادية معقولة، حيث يمكن للمادة المضادة أن تغير طريقة تزويد السفن الفضائية بالطاقة.

كما ذكرنا سابقاً، فإن مصدر الطاقة هذا ليس رخيص الثمن: "تكمن المشكلة في فعالية وكلفة إنتاج وتخزين المادة المضادة. فقد يتطلب صنع غرام واحد منها ما يقارب 25 مليون مليار كيلو واط ساعي من الطاقة، وتفوق كلفته ألف مليون مليار دولار". يسمح لنا هذا الاكتشاف أن نتقدم في هذا المجال.

تقدم هذه الدراسة أيضاً معلومات مهمة عن خصائص التفاعلات المختلفة بين الجسيمات، مما قد يمهد الطريق نحو التطبيقات العملية، بما في ذلك تطوير أفكار جديدة فيما يتعلق بأجهزة إصدار الفوتونات والبوزيترونات عالية الطاقة باستخدام مصادر ليزرية وبلازمية، تتخطى في روعتها جميع أجهزة الإصدار الحالية.

يضيف الباحثون: "سوف ندرس لاحقاً المرحلة اللاخطية، حيث تقوم البلازما ذاتية التوليد - المؤلفة من إلكترونات وبوزيترونات - بتعديل التفاعل بشكل كبير. وسوف نوسع دراستنا لتشمل أشكالاً أكثر عمومية من تفاعلات الليزر والمادة، إضافة إلى أشكال أخرى من التفاعلات، آخذين بعين الاعتبار مجالاً أوسع من المعاملات."