 الريادة في الأعمال من الصناعة للمجتمع.(16) _مفاهيم غائبة أو خاطئة (3/3)

 بقلم : د. أحمد الحفناوي

نستكمل حديثنا عن المفاهيم الغائبة أو الخاطئة بعد أن تحدثنا عن الأمن القومي والطبقية والشفافية والمساءلة ونتحدث فيما يلي عن الكفاءة – الإنتاجية – الفاعلية – الاحترام – العدل – المنهجية. ونكرر أن التفرقة بين القيم والغايات والآليات واجبة حتى لا تختلط الأمور ونظل تائهين وعاجزين.
الكفاءة والإنتاجية والفاعلية : ثلاثة مفاهيم مرتبطة سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي أو المجتمعي . ويحدث بينها كثيرا خلط، فالكفاءة تقاس طبقا للمخرج على المدخل ويجب أن تكون وحدة القياس مشتركة. فالكفاءة في استخدام الموارد مثل المال أو الوقت أو الخبرة أو الطاقة يجب أن تحدد في إطار أي عمل . وبدون منهجية للعمل تشمل التخطيط والقياس والتقويم فسيكون العمل مشخصنا. وشخصنة أعمالنا ومنظوماتنا هي آفة الآفات. وطبعا ممكن أن أتميز بالكفاءة العالية ولكن يكون العمل غير ذات فعالية. فالفعالية هي أداء المطلوب. وطبعا تحديد ما هو المطلوب يعتمد بشكل رئيسي على كل المعنيين بالشأن وليس صاحب العمل أو مديره فقط. وبالتالي فالواجب عند بدء أي عمل أن نقوم بتحديد المعنيين بالأمر كلهم والتواصل معهم لتحديد المطلوب. باختصار الكفاءة بالإنجليزية هي Doing Things Right بينما الفعالية هي Doing The Right Things . أما الانتاجية وهو مفهوم اقتصادي فيعتمد بشكل رئيسي على القيمة المضافة. وكثير من مواردنا تخصص في أعمال ليست ذات قيمة مضافة والتالي فهي محدودة الانتاجية. وتعتمد حسابات القيمة المضافة على الابتكار والإبداع من ناحية وعلى التنميط والتقييس من ناحية أخري . الأولي تضيف قيمة مضافة للخدمة أو المنتج كوحدة إنتاجية والثانية في عدد الوحدات المنتجة (للمنتجات) أو المقدمة (للخدمات) خلال فترة زمنية محددة. مرة أخرى تلعب تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات دورا رئيسيا في تحقيق هذا.
الاحترام: مفهوم مهم جدا وغائب جدا ونخلطه مع الحب. فحقيقة نحن نحترم من نحبه في العادة بينما الواجب أن نحترم الجميع. وكلمة الاحترام مصدرها اللغوي هو كلمة "حرم". والحرم هو الحدود لشيء ما ولا يجب تعديها. واذا لم نحترم الحدود سواء على المستوى الشخصي أو المؤسسي أو المجتمعي فتسود الفوضى. وبداية الاحترام هي احترام النفس ويقابل الاحترام بالاحترام. إذا فقدنا الاحترام فحقيقة ينهار أي نظام. ويجب أن نحترم الأعداء وعندها سنعرف كيف نتعامل معهم طبقا لحدودهم، واحترام القواعد أساس عمل أي نظام ومنها نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
العدل: العدل مفهوم مهم ويساء فهمه بشدة . فالمقولة الشائعة أن العدل أساس الملك يتصور البعض أن تحقيقها أمر تلقائي بالنية والعزم ولكن إقامة العدل هي حقيقة غاية وليست مفهوما مجردا . فهل مثلا يمكن إقامة العدل بدون آليات فعالة وكفء . الإجابة باختصار لا . هل يمكن إقامة العدل بدون قيم سائدة للصدق والاحترام والشفافية ؟ : الإجابة باختصار لا . طبعا إذا سادت الفوضى وغابت تلك القيم فيستحيل إقامة العدل وبالتالي فبناء تلك القيم هو الخطوة الأولي لإقامة العدل. هل يمكن إقامة العدل بميكنة نظم التقاضي وفي ظل غياب قيم الصدق وغيرها .. الإجابة باختصار لا. هل غياب تطبيق القانون يساعد على الفساد وانتشار الظلم ؟ الإجابة نعم . لكن نقطة البداية في نشر المفاهيم أن العدل كقيمة مهمة لكنها تتطلب نشر المعرفة عن أهميتها وكيفية إقامتها وبالتالي ينجح تطبيق القانون عندما يكون الخارجون عليه قلة بنسبة مثلا 1 في الألف , ولكن انتشار الظلم لا يحل بمحاربته بشكل مباشر , ولكن بنشر القيم ومن بعدها إقامة الآليات المناسبة. وهنا مرة أخرى تلعب منظومة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات دورا محوريا في تحقيق هذا كأداة توفر الوقت والتكلفة.
المنهجية: آخر مفهوم أتحدث عنه وبالإنجليزية يطلق عليه Methodology . هو حقيقة عكس العمل العشوائي . وانتشار العشوائيات في مجتمعنا أمر لا يقتصر على منظومة السكن أو النقل أو غيرها . ولكن يشمل العديد إن لم تكن كل أعمالنا. الحل في معرفة المنهجيات سواء الخاصة بالأعمال أو نظم إدارتها . يتطلب هذا معرفة ما هي أفضل الممارسات والتي في العادة تحكمها أطر Frameworks ومن ثم تتحول لمنهجيات Methodologies ومن ثم تتحول لمواصفات قياسية Standards وطبعا بالنسبة لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فنلاحظ غياب شديد في هذا الأمر ونطالب بأن يتم العمل على وضع منهجيات لكل الأعمال ومواصفات لكل المنتجات والخدمات فهي أساس الأمان والتوافق والاعتمادية. ومن غيرها سنظل غارقين في عالم من العشوائية.
المفاهيم عديدة وقد اخترت أهمها لعل مجتمعنا يعمل على الأخذ بها وتطبيقها عمليا في كل آليات العمل وأفعالنا سواء أقوالنا أو أعمالنا ومن ثم منتجاتنا وخدماتنا.
Dr.elhefnawy@gmail.com