معارض التكنولوجيا .. واستعادة التنمية

• §    بقلم : خالد حسن

لست مع المتشائمين  الذين يرون أن الأمور كلها سيئة، وأن الأزمة السياسية التي يعيشها الوطن بعد ثورة 25 يناير ،  أودت بالجميع ، بل على العكس فرب ضارة نافعة ، ولا شك أن الحرية والديمقراطية من أهم دعائم اقتصاديات السوق .. إذا عادة ما تلعب مثل هذه الأزمات دور الكشاف الذي يتيح لنا التمييز بين الغث والثمين ، وبين من لديه رؤية واستراتيجية مستقبلية ؛ يسعى لتحقيقها ومن يلهث وراء الفرص وتعظيم الأرباح بشتى الوسائل ولو على حساب إشاعة الفوضى بالأسواق .

وتأتى الدورة الخامسة عشرة لمعرض "Cairo ICT 2011 "  ، والتي ستقام نهاية الشهر الحالي  ، في ظروف ، أرى أنها رغم ما تحمله من تحديات كبيرة إلا أنها في نفس الوقت تتيح فرصة ربما تكون  أفضل من الدورة الماضية إذ تشير التقارير العالمية إلى أنه وبالرغم من التحديات الاقتصادية الحالية، فإن سوق تكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط تمكنت من تسجيل معدلات نمو أعلى من أسواق رئيسية أخرى .. بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا الغربية واليابان . فمن المتوقع أن تتجاوز قيمة الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في دول الخليج مثلا حاجز الـ 15مليار دولار بحلول عام 2012  .

وفي ذات السياق كشف تقرير لمؤسسة " IDC " أن قطاع التقنية في الشرق الأوسط  شهد نمواً قدره 8 % في العام 2010، أي واحد من أعلى معدلات النمو في العالم، وأن حجم الإنفاق على تقنية المعلومات في دولة منطقة الخليج وحدها ربما يتخطى 10 مليارات دولار خلال العامين القادمين مع زيادة الاستثمارات الأجنبية الموجهة للسوق الأفريقية .

وفي اعتقادي أن مثل هذه المؤشرات تدلل بقوة على الفرص المتنوعة التي ما زالت تذخر بها منطقة الشرق الأوسط في جميع القطاعات وبصفة خاصة قطاع التكنولوجيا والاتصالات ، والذي نُوّه عنه في مقولة البعض أنه سيواجه مشكلات وأزمات اقتصادية كبيرة  ربما تصيبه بالشلل التام إلا أنه من الضروري مراعاة العامل النفسي الذي يؤثر بالسلب الآن على بيئة ومناخ الحياة الاقتصادية ، إذ علينا استغلال ما لدينا من مقومات تكنولوجية وإمكانيات تقنية لتحقيق قفزات نوعية وكمية نحو مستقبل أفضل وتنمية شاملة .

وإذا كانت الغالبية العظمى  تتفق على أن " Cairo ICT " بات أكبر تجمع للعاملين في قطاع تقنية المعلومات والاتصالات في مصر ومنطقة شمال أفريقيا ومنطقة دول الشام ، ومنصة مهمة توفر لنا فرصاً ممتازة للتفاعل مع العملاء ، وبناء وتعزيز العلاقات أكثر مع العملاء الحاليين ، وغيرهم من شركاء الأعمال الجدد أيضاً فإن علينا أن نتساءل كيف يمكن أن يمثل المعرض فرصا لكثير من الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتبادل وجهات النظر والخبرات حول أكثر قضايا هذا القطاع أهمية وإلحاحاً، وألقى الضوء على أحدث التطورات التقنية واتجاهات السوق في المنطقة والفرص المتاحة للتطور والتوسع فيها.  

في تصوري أن المعرض ، والمؤتمر المتزامن معه ، كان لهما دور إيجابي في تقديم الحلول التكنولوجية لمواجهة  الأزمة المالية لعام 2009 من خلال تسليط الضوء على بعض نقاط الخلل ، التي يعاني منها قطاع تكنولوجيا المعلومات منذ عدة سنوات، مع الزيادة الكبيرة في عدد الشركات العاملة به،  بين المنتجين وقنوات التوزيع والتسويق ، كذلك أكد الفارق بين الجاد الذي يثق فيما يقوم به ومن لا يعرف ماذا يفعل ويتلفت يمينا ويسارا ، وكذلك القادر على تقديم المبادرة وضخ الاستثمارات المالية الجديدة ومن يؤْثر البقاء والسكون حتى تمر العاصفة ، وبين من يمتلك الحلول الابتكارية لريادة السوق ومن يفضل التقليد الأعمى عملا بمنطق  ، خلينا زيهم   .

ولعل التوقيت الزمني للدورة القادمة ، بعد ثورة الشعب وبوادر انفراج الأزمة الاقتصادية واستعادة الهدوء النسبي ،يمكن أن يكون عنصرا إيجابيا ليلتقي الأطراف الجادة للبحث في إقامة علاقات شراكة وكيفية المساهمة في رسم ملامح الاستثمار الناجح في قطاع تقنية المعلومات، فالجميع في حاجة ماسة الآن لمعرفة المعلومات الصحيحة التى تساعده على اتخاذ قرارات سليمة .. بعيدا عن مفهوم المجازفة والمخاطرة غير المحسوبة ، والتى كانت عنوانا رئيسيا لقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على مدار السنوات الخمسة الماضية  .

لا نريد أن نعمم أو نصدر أحكاما ، ولكن ما نريد التأكيد عليه أن منطقة الشرق الأوسط شهدت حركة نمو قوية في مجال التنمية التكنولوجية نتيجة الاستثمارات الحكومية الكبيرة في هذا المجال .. بالإضافة لنمو الطلب الاستهلاكي للمستخدمين ومن ثمة فإن المعرض يشكل فرصة مثالية لبداية تنسيق الجهود بين الجهات الحكومية المعنية بالتنمية التكنولوجية ، على رأسها وزارة الاتصالات وهيئة " إيتيدا " وغرفة وجمعيات التكنولوجيا بالإضافة لوسائل الإعلام المتخصصة تكنولوجيا  ، والتكاتف فيما بينها وزيادة دعمها وجهودها التنموية  للعمل على استعادة نشاط سوق المعلومات بأسس سليمة تؤدي إلى تحقيق مصلحة جميع الأطرف المعنية والمستخدمين وشركات التكنولوجيا والجهات الحكومية ، آخذين في الاعتبار المتغيرات التي شهدتها الأسواق العالمية للتكنولوجيا ورغبتنا في التحول من مجرد مستخدمين للتكنولوجيا إلى مرحلة منتجين ومساهمين في عملية الإبداع العالمي للتقنية .

اتفق تماما مع دعوة الدكتور عصام شرف رئيس حكومة تيسر الأعمال لدعم الجهات الحكومية ومساندة إنشاء معارض متخصصة داخلية تساعد على زيادة حركة الشراء وتنشط السوق على أن يكون اشتراك العارضين بأرض المعارض بقيمة التكلفة مشيرا إلى استمرار المساندة التصديرية لمختلف القطاعات الصناعية وتوسيع قاعدة المستفيدين بحيث تسمح باستفادة الشركات الصغيرة والمتوسطة من الدعم ورفع القيمة المضافة للمنتجات المصرية.

نؤكد كذلك أننا إذا كنا جادين في تنمية الصادرات التكنولوجية خلال المرحلة الحالية والاتجاه إلى أسواق جديدة بما يتناسب مع المتغيرات التي تحدث في المنطقة العربية ، إذ يوجد العديد من الفرص التصديرية في أسواق قطر والسعودية والعراق وروسيا وأوروبا وكندا وأمريكا والعديد من الدول الأفريقية ، فإنه من المهم أن يتأكد الجميع من خلال المشاهدة الواقعية ، وفي مكان واحد وعبر معرض متخصصة للتكنولوجيا ، إن هناك مئات الشركات المصرية التى لديها الحلول والتطبيقات المتنوعة والقادرة على المنافسة مع نظيرتها العالمية ، بأسعار أقل ، وبالتالي فكلما كان هناك تواجد قوي لشركاتنا تعطي انطباعا إيجابيا للزائر عن مستوى تطور هذا الصناعة ومسقبلها .

•     مجرد تساؤلات

صورة: الدكتور سمير الصياد وزير الصناعة والتجارة الخارجية

•        صناعة التكنولوجيا .. طالب ممثلو المجلس التصديري بتأجيل أقساط ثمن أراضي المناطق الصناعية ، ومد المهلة المحددة للسداد .. نظرا للظروف الراهنة مع تسهيل استخراج الرخص الصناعية والسجلات الصناعية وتخفيض عبء التأمينات الاجتماعية لتحفيز المصانع على الحفاظ على العمالة. السؤال هل سيأتي اليوم الذي نعترف بالتكنولوجيا كصناعة ومن ثمة يمكن لشركات تكنولوجيا المعلومات الحصول على أراض بالمناطق الصناعية لتكون بالقرب من عملائها ؟.
•        صورة: الشيخ صالح كامل
•        تطوير حقيقي ..طرح الشيخ صالح كامل رجل الأعمال السعودي ورئيس المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية والإسلامية فكرة إنشاء بنك الإنماء لنشر ثقافة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وعمل دراسات جدوى لتسويق المشروعات في مصر ، والعمل على دعم الاقتصاد المصري من خلال تلك المشروعات ، وأن هناك نوعا مماثلا من تلك البنوك المقترحة مثل فكرة بنك الفقراء.

صورة: ياسر القاضي ـ هيئة " إيتيدا "

•       ثقافة التمويل .. تجربة عدد من شركات التكنولوجيا المصرية في البورصة.. تجربة مثيرة .. تحتاج إلى مراجعة شاملة للوقوف على إيجابياتها وسلبياتها لتشجيع عدد أكبر من شركات المعلومات ، للاستفادة من آلية التمويل التي تقدمها البورصة .. السؤال هل يمكن لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات " إيتيدا " أن يكون لها دور إيجابي في تنمية ونشر ثقافة التعامل مع البورصة لدى المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا والخروج من دائرة الشركة العائلية .