رسالة النبي لهرقل

بقلم : سامح نصير

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم دحية الكلبي إلى هرقــــل عظيم الروم والذي كان يرتكز ملكة في القسطنطنـيـة ( أسطنبول الآن ) ، وكانت الشام و مصر تابعتين له ، أثناء إرسال الرسالة كان هرقل في بيت المقدس يحج وفاء لنذر نذره إذا هزم الفرس والذي تحقق بالفعل ، وأثناء ذهابة ماشيا كما نذر رأى رؤيا أن ملكة يزول على يد قوم مختونين  .

فلما وصل سأل فعلم أن اليهود هم الذين يختنون فعزم على قتل كل اليهود الموجودين فى الشام و بدأ الإعداد لذلك لولا أنهم قبضوا على واحد من العرب كان يسرق ومن شدة تفتيشه اكتشفوا أنه مختون

وبسؤاله عرفوا أن العرب يختنون أيضا فأخبروا هرقل ، في هذه الأثناء كان أبو سفيان ومعه جماعة من سادة مكة في تجارة في الشام ، كان هرقل يحقق مع السارق فسأله هل حدث عندكم شيء فقال نعم ظهر عندنا رجل يقول إنه نبي ، هرقل عنده علم بالكتاب ( التوراة والإنجيل ) ويعلم أن هذا زمن نبي فشك في الأمر فأمر بأن يأتوه بعرب من قوم هذا الرجل يقصد النبي . 

فسألوا من بالشام منهم فوجدوا أبو سفيان ورفاقه فأتوا بهم إلى هرقل فسألهم ( هذا الحديث في البخاري الحديث السادس ) أيكم أقرب إليه نسبا يقصد النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان أنا فهو يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم فى الجد الخامس ، فأمرهم بالجلوس و أمر أبو سفيان بأن يجلس أمامهم وقال إنى سائلك عن أمور فأجبني وأشار للذين معه قائلا إن كذب فردوا عليه و بدأ هرقل يسأل أبو سفيان سأل هرقل : كيف نسبه اجاب ابوسفيان : هو فينا ذو نسب ، سأل هرقل: هل ادعى فيكم أحد النبوة قبله أجاب أبو سفيان : لا ، سأل هرقل : هل كان من آبائه من ملك أجاب ابوسفيان : لا ، سأل هرقل : أأشراف الناس يتبعونه ام فقرائهم اجاب ابوسفيان : بل ضعفائهم ، سأل هرقل : أيزيدون أم ينقصون أجاب أبو سفيان : بل يزيدون ، سأل هرقل : فهل يرتد أحد منهم بعد أن يدخلوا في دينه أجاب أبو سفيان :  لا ، سأل هرقل: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال أجاب أبو سفيان : لا ، سأل هرقل: فهل يغدر أجاب أبو سفيان : لا ، سأل هرقل: فهل قاتلتموه أجاب أبو سفيان : نعم ، سأل هرقل : كيف كان قتالكم إياه أجاب أبو سفيان : الحرب بيننا و بينه سجال  .

سأل هرقل : بماذا يأمركم أجاب أبو سفيان : يقول اعبدوا الله وحده لا تشركوا به شيئا و يأمرنا بالصلاة

والصدق والعفاف والصلة فقال هرقل  : سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب فكذلك الرسل ، وسألتك هل قال أحد فيكم هذا القول قبله فقلت لا  فلو كان أحد قد قال هذا القول قبله لقلت إن الرجل يأتي بقول قيل قبله ، وسألتك هل كان من آبائه من ملك فقلت لا فلو كان كذلك لقلت هو رجل يطلب ملك أبيه ، و سألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ذلك فقلت لا فمن لا يكذب على الناس لا يكذب على الله ، و سألتك هل أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم فقلت الضعفاء وهم أتباع الرسل ، و سألتك أيزيدون أم ينقصون فقلت يزيدون و كذلك أمر الإيمان ، و سئلتك هل يرتد أحد منهم فقلت لا وكذلك الإيمان حين يخالط القلوب ، و سألتك هل يغدر فقلت لا و كذلك الرسل ، وسألتك بماذا يأمركم فقلت يأمركم بعبادة الله والصلاة والصدق والعفاف .

ثم قال هرقل كلمة عظيمة قال فإن كان حقا ما تقول فسيملك موضع قدمي هاتين أي سيصل ملكه لهذا الموطن ، و قد كنت أعلم أنه خارج و لم أكن أظن أنه فيكم ، و لو أستطيع الوصول إليه لغسلت قدميه . لما رأى أبو سفيان هرقل يلين بهذا الشكل وقع الإسلام في قلبه و لكنه لم يسلم بعد .

وصل دحية الكلبي برسالة النبي صلى الله عليه وسلم بعد حادث أبو سفيان مع هرقل مباشرة والتي قال فيها بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم (هذه الرسالة موجودة على حقيقتها محفوظة بالمتحف البريطاني الذي أثبت نسبها للقرن السابع الهجري) سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأكاريين (الفلاحين) ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون .