توطين التكنولوجيا .. وغياب رأس المال المغامر

نبضات

توطين التكنولوجيا .. وغياب رأس المال المغامر

بقلم : خالد حسن

في ظل الحديث عن أولويات دور حكومة د . الببلاوي الجديدة في استعادة انتعاش الاقتصاد وتقديم مجموعة من الحلول للتحديات والمشاكل التي تواجه عددا من القطاعات وعلى رأسها قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والذي يعاني بدرجة كبيرة من تراجع كبير في حجم الطلب المحلي على التكنولوجيا  ناهيك عن صعوبة الحصول على التمويل من المؤسسات المالية والبنكية بالإضافة إلى ندرة فرص الاستثمار في مجال تطوير سواء للمنتجات التكنولوجية الحالية أو الجديدة  . 

في الحقيقة علينا أن نعترف أننا نفتقد في بلادنا إلى مفهوم الاستثمار المخاطر أو المغامر في مجال تكنولوجيا المعلومات وتقديم التمويل لمجموعة من الأفكار لتتحول إلى مشروعات قائمة بالفعل إذ إن الغالبية العظمى من رجال الأعمال والمستثمرين تلجأ إلى مفهوم الاستثمار الآمن من خلال إقامة مصنع أو مشروع سياحي ، على أرض كأصول ثابتة ، وحجتهم دائما أن رأس المال جبان ويبحث عن تقليل نسبة المخاطر حتى لو كانت مرتبطة طرديا بتحقيق الأرباح فالجميع يبحث عن استثمار مضمون ولا يريد المجازفة أو اقتحام مجال التطوير التكنولوجي وهذا ما يفسر أنه حتى الآن ليس لدينا شركة مصرية أو عربية واحدة قادرة على تطوير تقنيات جديدة خاصة بها وإنما برامج أو تطبيقات تكنولوجية قائمة على تقنيات مستوردة .

وخلال إحدى زياراتي الأخيرة إلى وادي السليكون في الولايات المتحدة يمكنك أن تكتشف بسهولة مدى توافر البيئة الخصبة للتطوير التكنولوجي " Ecosystem " وتشجيع الأفكار الابتكارية بل والتسارع في تقديم التمويل الميسر لها إذ يمكن أن يحصل المطورون المبدعون على تمويل مبدئي أو أولي " Early Stage Funding " من شركات التكنولوجيا القائمة في وادي السليكون  للأفكار أو المشروعات ذات المخاطر عالية جدا ويسعون إلى تسهيل بيئة العمل لأصحاب الأفكار و المبرمجين وهذا ما لا يمكن أن تجده بسهولة في مناطق أخرى من العالم ويفسر أن أكثر من 75 % من التقنيات الجديدة والابتكارات التكنولوجية على مستوى العالم يكون مصدرها وادي السليكون بالولايات المتحدة الأمريكية  .

مرة أخرى نعاود الحديث عن نقص آليات التمويل المناسبة كأحد أهم التحديات التي تواجه شركات تكنولوجيا المعلومات المحلية والتي تمكنها من العمل وفقا لاستراتيجية طويلة المدى وتخوف الكثير من الجهات التمويلية خاصة البنوك من ارتفاع نسبة المخاطر التي تعتبر إحدى سمات قطاع المعلومات بشكل عام.

وفي تصوري إذا كانت حكومة الدكتور الببلاوي تهدف إلى توطين حقيقة لصناعة المعلومات المصرية فإن عليه أن تعي أن صناعة المعلومات من أكثر الصناعات التي تحتاج للاستفادة من مفهوم رأس المال المخاطر أو الاستثمار المغامر " Venture Capital " والذي يعتمد على القيام بنوع من المجازفة الاستثمارية المحسوبة لتوفير التمويل اللازم لخروج الأفكار الابتكارية ، امتلاكها المقومات ومؤشرات النجاح المستقبلية  ، إلى حيز الوجود وذلك من خلال إطلاق صندوق أو اثنين يعمل على تقديم مفهوم رأس المال المخاطر في مجال التكنولوجيا .

إذ إن أحد مهام صندوق رأس المال المخاطر العمل على مساعدة شركات المعلومات لتقديم خطط عمل احترافيه (Business Plan) من خلال وضع نموذج عملي لكيفية مساهمة الصناديق الاستثمارية في رفع كفاءة وأداء شركات المعلومات بالإضافة لدعم عوائدها وكذلك دعم برامج التنمية التكنولوجية المحلية باعتبار أن الحكومة " ممثلة في وزارة الاتصالات " مساهمة فيه .

كما نتوقع أن يوفر الصندوق للشركات التي سيقع عليها الاختيار للاستثمار فيها عدداً من المميزات كإعطاء الأولوية لتبني أنظمة الإدارة المتطورة من خلال وضع ضوابط ومعايير إدارية يتحتم على الشركات التي يقوم بالاستثمار بها اتباعها مع التركيز على خدمات التخطيط بعيد المدى والتي تهملها بعض الشركات في خضم انغماسها في إدارة أعمالها اليومية حيث تمتلك بعض شركات المعلومات إمكانات وقدرات حديثة ولكنها لا تعرف الطريقة المثلى لاستغلال قدراتها هذه والإستفادة منها .

كذلك يفترض أن يمتلك الخبراء العاملون في الصندوق القدرة على رؤية مدى التطور الحاصل في قطاع الأعمال وفرص اندماج الشركات مع بعضها أو شراء بعض الشركات الكبرى لشركات أخرى وهو بالتأكيد ما يضمن تحقيق عوائد استثمارية عالية لشركات المعلومات من خلال التخطيط بعيد المدى ويتسبب عادة إهمال عملية التخطيط الاستراتيجي البعيد المدى إلى فقدان الشركات عدداً من الفرص السانحة بما فيها عمليات الاندماج أو شراء شركات أخرى .

في النهاية نأمل أن ينجح المهندس عاطف حلمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في إطلاق صندوق جديد لرأس المال المخاطر وصندوق جديد للحضانات التكنولوجية للعمل في عدد من المحافظات لتقوم هذه الصناديق بدورها المنوط بها لفتح الباب أمام تشجيع الأفكار الإبداعية والتوطين الحقيقي لصناعة تكنولوجيا المعلومات خاصة في ظل تراجع الوزارة عن فكرة إقامة عدد من القرى الذكية في المحافظات والاكتفاء بالمساهمة في إقامة مراكز للتطوير التكنولوجي .

• ·     مجرد تساؤلات
• §       لا للاستبعاد أو الاستعلاء .. إذا كان الإخوان المسلمون فشلوا في تحقيق المصالحة الوطنية على مدار العام الماضي بسبب تطبيق مبدأ العزل لبعض فئات الشعب المصري ، ممن يعملون في المجال السياسي ، وهو ما لم يوفر الاستقرار لوطننا فأتمنى من الدكتور البرادعي أن ينجح في تحقيق المصالحة الوطنية القائمة على أننا جميعا شركاء في الوطن بدون إقصاء لدور أحد حتى نستطيع الانطلاق جميعا بخطوات ثابتة وقوية لمستقبل أفضل . فهل سنكرر نفس الأخطاء ونعيش نفس النفق المظلم ؟.
• الأعمال الإرهابية في سيناء ..ما تقوم به بعض الجماعات الإرهابية في سيناء من أعمال عنف ضد أبنائنا من رجال القوات المسلحة أو الشرطة لن يغير موقف الشعب المصري في نبذ هذه الجماعات ورفضه لها وعدم قبوله بوجودها على أرض الفيروز ودعمه للجيش والشرطة في القضاء نهائيا على هذه الجماعات المتطرفة فكريا . السؤال من سمح لهذه الجماعات الإرهابية بالعودة والتجمع في سيناء ؟ لتقوم بنفس الدور القذر الذي قامت به في العراق وسوريا للقضاء على الجيوش العربية في هذه الدول لصالح إسرائيل بالتأكيد .

• §       رمضان كريم .. اللهم اجعله شاهداً لنا لا علينا، اللهم أنعم على وطننا بالاستقرار والأمان وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ، اللهم هون علينا ظمأه وجوعه وحره، واجعله في سبيلك وابتغاء مرضاتك، اللهم اجعل لنا ثوابه ونوره وبركته وهداه ويمنه ويسره وتقواه لنا ولوالدينا ، اللهم اجعله شاهداً لنا عندك يوم نلقاك، اللهم أعده علينا أعواماً عديدة، وأزمنة مديدة، ونحن في مزيد من الصحة والعافية والأمن والإيمان. اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يا الله .