المواطن .. وإنتاج الطاقة المتجددة

بقلم : خالد حسن

بات الحديث عن الطاقة النظيفة أحد أهم متطلبات الحد من تفاقم خطورة ظاهرة التلوث البيئي ، والتي تشكل خطورة كبيرة على حياة الملايين من البشر ، لاسيما في ظل التزايد الحالي في أسعار البترول ، والتخفيف من الأعباء المالية على ميزانية الدولة ، إذ يتجاوز حجم الدعم المالي للطاقة 120 مليار جنيه سنويا  ، الأمر الذي يمثل عنصرا مشجعا لتعزيز مفهوم لتكنولوجيا توليد الطاقة من المصادر المتجددة  كالرياح والشمس والبخار المولد من باطن الأرض .

ومؤخرا كشف الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة أن مجلس الوزراء وافق على توفير التمويل اللازم لتفعيل صندوق تنمية إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ، لتخفيف الضغط المتزايد على مصادر الطاقة التقليدية ، إذ يهدف الصندوق لتغطية الفرق بين سعري إنتاج الطاقة الكهربائية من مشروعات الطاقة المتجددة ، وسعر البيع إلى الشبكة الكهربائية ..مشيرا أنه سيتم دعم الصندوق بقيمة الوفر من الوقود الذي يحققه إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة ، وذلك كمرحلة أولى على أن تتم دراسة بدائل تمويل أخرى في مراحل لاحقة ، كما يسعى الصندوق لتحقيق هامش ربح لجهات الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة للدعم المالي للمشروعات الريادية ومساندة التصنيع المحلي لمعدات نظم الطاقة المتجددة ، بالإضافة إلى دعم الأبحاث العلمية في مجال تطوير تكنولوجيا الطاقات المتجددة ، موضحا أن استراتيجية قطاع الكهرباء تستهدف مشاركة الطاقة المتجددة بنسبة 20% من إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائية عام 2020 في ظل نضوب مصادر الطاقة الأحفورية ، حيث إن 12% منها يأتي من طاقة الرياح و8% من مصادر الطاقة الشمسية والمائية ..

وفي ذات السياق أعلن وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني علاء البطاينة أن بلاده أقرت مؤخرا قانون الطاقة المتجددة الذي يتيح للمواطن إمكانية توليد طاقة كهربائية بما يعادل 25% من حاجته من الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة كما أصدرت الحكومة الأنظمة والتعليمات المنظمة للاستثمار .

وخلال إحدى زياراتي إلى ألمانيا ، والتي تعتمد حاليا على الشمس لإنتاج نحو 20 % من إجمالي إنتاجها الطاقة الكهربائية بها ، وتسعى لإنتاج 35 % من احتياجاتها من الطاقة المتجددة في عام 2020 وتعتبر الأولى عالميا في إنتاج الطاقة الشمسية إذ يعادل إنتاجها إجمالي إنتاج العالم من الطاقة الشمسية ، يوجد هناك نظام يسمح للمواطن  من أصحاب المنازل بإنتاج الطاقة من الشمس ، وكذلك بيعها لشركات توليد الكهرباء وذلك من خلال تركيب الخلايا الشمسية على أسطح المنازل وكذلك الواجهات .. إذ تقوم بعض البنوك الألمانية بتقديم قروض للمواطن الذي يرغب في إنتاج الطاقة الشمسية ويتم سداد هذه القروض من عوائد بيع الطاقة لشركات الكهرباء على مدار 5- 7 سنوات ثم تصبح الطاقة الشمسية مصدرا للدخل لأصحاب المنازل وذلك في إطار تبني الحكومة الألمانية ما يعرف بخطة التحول في مجال الطاقة وتخفيض التلوث .

ومنذ كشف العلماء بمعهد البحوث الأمريكية" بيل " عن أول خلية شمسية من السيليكون عام 1954 ، كانت الخلية الشمسية الأولى أكبر حجما بكثير من شفرة الحلاقة وكان بإمكانها تحويل حوالي 6% من ضوء الشمس إلى طاقة، والأبحاث العلمية لا تتوقف عن كيفية تعظيم الاستفادة من ضوء الشمس لتوليد الكهرباء وبدأت تظهر الخلايا الكهروضوئية لتحويل ضوء الشمس بشكل مباشر إلى كهرباء بواسطة الخلايا الشمسية. ودخلت هذه التكنولوجيا حيز الاستخدام العملي في كل المجالات تقريبا، ابتداء بالأجهزة الصغيرة مثل حاسبات الجيب، ووصولا للأجهزة المستخدمة في أبحاث الفضاء، إذ يتم عبر تلك التكنولوجيا توفير إمدادات الطاقة للأقمار الصناعية وحتى الآن فإن الخلايا الشمسية المتوافرة بالسوق منتجة في أغلبها من السيليكون، ووفقا لمعهد فراونهوفر لأنظمة الطاقة الشمسية فإن تلك المادة تشكل 90 % من الخلايا الشمسية المنتجة . ويترتب على هذا تبعات سلبية كثيرة، فسعر السيليكون الخام مرتفع، كما أنه يعتبر أيضا مادة سامة، بالإضافة لصلابة تلك المادة وقلة مرونتها بالإضافة لصعوبة إعادة تدويرها، لذا يعكف الباحثون في جميع أنحاء العالم تطوير بدائل للسيليكون .

وكشف كارل ليو مدير معهد علوم الفيزياء التطبيقية (IAPP) الألماني أنه يتم إجراء أبحاث على الخلايا الكهروضوئية العضوية، وهي أشباه موصلات تتكون من مواد عضوية، مثل الكربون والهيدروجين والأوكسجين، وهي مواد يمكن العثور عليها في كل مكان من الأرض، وهذا يعني بالتالي أنها لا تنضب ، الأمر الذي يترتب عليه رخص تكلفتها وهناك العديد من التطبيقات المختلفة، وهي تشمل محطات توليد الكهرباء وسقوف المنازل والهواتف المحمولة إذ يمكن "طلاؤها" على كل الأسطح تقريبا، على سبيل المثال على النوافذ والورق والبلاستيك أو القماش.

ويمكن في المستقبل القريب استخدام حقائب يد تصلح لإعادة شحن الهواتف المحمولة بالكهرباء والاستفادة من كل ألوان الطيف إذ تطلى الخلايا الشمسية هنا بثلاث طبقات من المواد الضوئية بدلا من طبقة واحدة، وتستجيب كل طبقة من الطبقات الثلاث لألوان مختلفة من ألوان الطيف: الطبقة العلوية للأزرق، والوسطى للأخضر والأصفر، والدنيا للأشعة تحت الحمراء. وبذلك تستخدم الخلايا نسبة أكبر من الأشعة الضوئية وتنتج بالتالي المزيد من الطاقة. وبذلك تحقق الخلايا كفاءة عالية تصل إلى حوالي 40 %، بمعنى أنها تستطيع تحويل ما يقرب من 40 % من ضوء الشمس إلى طاقة، أما خلايا السليكون فإنها تحقق حوالي 20 % فقط .

ويؤكد الخبراء أن العيب الحالي في الخلايا المكثفة ارتفاع تكلفة المواد الخام الداخلة في إنتاجها مقارنة بخلايا السيليكون لذا يسعى من خلال أبحاثه العلمية لتخفيض تكلفة الخلايا الشمسية العضوية إلى النصف،وبحلول عام 2013 من المخطط الانتقال لمرحلة الإنتاج التجاري. ويمكن للتقنية التي يجري عليها كارل ليو أبحاثة تحقيق الكثير، فهي لا تتيح توليد الكهرباء من الضوء فحسب، وإنما العكس أيضا، أي إنتاج الضوء من الكهرباء. وكما يوضح الباحث الألماني: "فإن الخلايا الشمسية في الأساس، ما هي إلا صمامات ثنائية عاكسة للضوء ولكن فقط بطريقة معكوسة". فالمواد المستخدمة تختلف، ولكن العناصر التي تتألف منها الخلايا متشابهة.وقريبا قد يصبح من الممكن إلصاق خلايا شمسية شفافة على النوافذ لتوليد الكهرباء من ضوء الشمس أثناء النهار، واستخدامها كنوع من الإضاءة عندما يحل المساء.

وتؤكد الدراسات العالمية أن نسبة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية آخذة في الارتفاع بسرعة، ووفقا للبنك السويسري ساراسين، فإن الكمية يمكن أن تصل بحلول عام 2020 إلى نحو 620 جيجا وات. وهذا يعادل النسبة المنتجة من 440 محطة كبيرة للطاقة النووية. وعلى سبيل المقارنة، فإن النسبة لم تتجاوز 42 جيجا وات في نهاية عام 2010.

وفي تصوري أن الطاقة الشمسية تمثل مستقبل الطاقة في مصر ومن المشاريع المهمة التي نفذت في مصر وخفضت نسبة انبعاث الغازات المضرة ، وكان بدعم من بنك الإعمار الألماني في فرانكفورت ، مشروع توليد الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة زعفرانة على البحر الأحمر حيث الرياح القوية. ووصلت استطاعة المرحلة الأولى من المشروع إلى 20 ميجا وات وإنتاج 80 جيجا وات ساعي من الكهرباء في السنة وخفض هذا المشروع انطلاق قرابة 70 ألف طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون التي تنطلق من المحطات العاملة بالمازوت الثقيل وتلحق أضرارا جسيمة بالبيئة  وعلى صعيد الطاقة الشمسية كان أول مشروع لإنتاج الطاقة المتجددة من الشمس تم تنفيذه أواخر القرن الماضي بالتعاون ما بين الحكومتين المصرية والألمانية، وذلك ضمن إطار التعاون التقني والعلمي، كان لإنارة قرية أولاد الشيخ في مصر وتقع بين القاهرة والإسكندرية في صحراء النطرون .

ومن ثمة نطالب ، في ظل الحديث عن ضرورة زيادة حجم الطاقة وفي نفس الوقت خفض حجم الدعم الحكومي للطاقة ، بإطلاق مبادرة بالتعاون مع الشركة العالمية والمحلية المتخصصة لتوليد الطاقة الشمسية من الصحراء الغربية وتصديرها لدول الاتحاد الأوروبي إذ يمكن أن تؤدي مثل هذه المبادرة لكثير من المزايا لعل أهمها الحصول على مصادر بديلة للطاقة الحفرية " البترولية الحالية ، والحصول على طاقة نظيفة خالية من الملوثات البيئية المتعارف عليها مثل ثاني أكسيد الكربون بما يساهم من  تقليل الاحتباس الحراري هذا بالإضافة لإمكانية تصدير هذه الطاقة لدول الاتحاد الأوروبي والتي تعد في  حاجة ماسة لهذه الطاقة .

 في تصوري ستؤدي مثل هذه المشروعات إلى نقل تكنولوجيا توليد الطاقة النظيفة من الشمس  مع تدريب وإعداد الكوادر البشرية علاوة على إتاحة آلاف من فرص العمل وتعظيم الاستفادة من مواردنا البشرية كذلك يمكن أن تؤدي لإيجاد روابط ومصالح تجارية قوية بين دول الاتحاد الأوروبي وشمال أفريقيا .

نطالب أيضا بدعم مشروعات توليد الطاقة من الشمس على غرار ما يقوم به الكثير من دول العالم ومن هذه الحوافز منح إعفاءات ضريبية  للشركات وتقديم دعم مالي مباشر بجانب قروض ميسرة لتمويل وتطوير محطات الطاقة الشمسية وكذلك أبحاث توليد الطاقة المتجددة بالإضافة لتشجيع استخدام هذه النوعية من الطاقة حتى على مستوى الأسر والبيوت .

• §    مجرد تساؤلات
• §       رئيس الجمهورية .. بصرف النظر عن كونك معارضا أو مؤيدا للدكتور محمد مرسي فإن واجنبا جميعا كمواطنين مصريين أن نتعاون معه من أجل خروج وطننا من هذه المرحلة الانتقالية والعبور لمرحلة الإنتاج وبناء دولة العلم والعمل والإيمان .. فالاستقرار هو كلمة السر لاستعادة ما فاتنا ألا من عقلاء ؟.
• §       ثقافة البحث العلمي .. ننتظر الكثير من الرئيس المصري الجديد ، أستاذ الجامعة ،  لاستعادة العقول المصرية وتوطين مفهوم الابتكار والإبداع والبحث والتطوير لدى شبابنا ومؤسساتنا .
• §       الشيخ محمد الغزالي ... نصف أوزار الملحدين في هذا العالم يحملها متدينون ..كرّهوا خلق الله في دين الله .. إن كل تديُّن يجافي العلم ويخاصم الفكر ، ويرفض عقد صلح شريف مع الحياة هو تدين فقط _ كل صلاحياته للحياة _ فهل يجود علينا الزمان بأمثال هؤلاء العلماء ؟ .