الجماعة وغيط السبانخ

ناجح البواب 40

الجماعة وغيط السبانخ

قصاصة ورق مكتوبة على المصعد استوقفتني، فهي لا تخص عمارتنا، ولكنها تخص جارا لنا في البناية المجاورة .. تعلن عن وفاة زوجته الأستاذة الجامعية الشابة .

ناجح : يا دكتور هو ده حال الدنيا .

العبد لله: أنا كنت بشوفها لحد قريب وهي رايحة الجامعة مع جوزها الصبح ، وساعات كنت بقابلهم في النادي .. ربنا يصبره ، دي كانت بنت عمه على ما أظن.

ناجح : تمام يا باشا هم ولاد عم وولاد خاله كمان ، وسنها حوالي حاجة وتلاتين ، حضرتك عارف التقاليد .. بس اتجوزوا عن حب ، وعملوا الدكتراه سوا في الخارج ، وعشان كده كانوا قريبين من بعض .. الله يرحمها كانت بلسم ولا كل الستات ، ربنا يصبر الدكتور وأهلهم .

العبد لله : وهي كانت بتشتكي من أي حاجة ، ولا توفت في حادثة ولا إيه ؟ .. مسكينة عندها ولد عنده سنتين تقريبا.

ناجح : تمام يا باشا هي توفت بالسبانخ .

العبد لله : إيه الجنان ده ، سبانخ إيه يا جدع انت.

ناجح : يا باشا ، أي والله بالسبانخ ، أصل الحكاية عايزه شرح ،  الحكاية أن والد الدكتور هو كبير العيلة وعنده أرض في البلد ، وكبير العيله كلمته تمشي على الكبير قبل الصغير ، وأوامره تنفذ بلا نقاش مهما كان ، المهم يا باشا ، كبير العيله اختلف مع التجار في سعر المحصول ، حلف أيمانات أعظمات إنه مش بايع ولا عود واحد ، وحيأكله لعيلته لحد ما يخلص، ومش حياكلوا أي صنف تاني لحد ما المحصول كله ينتهي، المحصول كان سبانخ ، ابنه الصغير رفض الكلام ده وقال لأبوه إن اليمين والحلفان ساعة الغضب ما يتحسبش، وحتى ممكن تطعم أو تصوم ، الكبير رفض وقال أنا كلمتي سيف على الرقاب أنا أعلى من أعلى رأس في العيله كلها، واللي أقول عليه يتنفذ بلا جدال، الواد الصغير رفض وقال الكلام ده مش كلام شرع، ولا كلام عقل ، أبوه طرده وحرمه من كل المزايا وحرم على العيله كلها مقابلته أو الكلام معاه ، أما الدكتور، والدكتورة قاطعته ... "طبعا ناس معاها دكتوراه من الخارج وأساتذة جامعة وشباب ومشتركين في أكبر نوادي وأعضاء في جمعيات ، رفضوا الكلام ده.

قاطعني ناجح : مع احترامي الشديد ، ما حصلش كده ، هم متربيين على سمع الكلام من الكبير ، ومن اللي حييجي كبير بعده ومش ممكن يكسروا كلمته دي تبقي عيبه عندهم ، الدكتورة كان عندها الكلى والدكاترة محرجين عليها تاكل طماطم وسبانخ ومانجه وحاجات كتير ،لكن هي قررت أنها تفضل تأكل سبانخ كل يوم ، تعبت شوية وراحت للدكتور وكذبت عليه في موضوع السبانخ ، الدكتور عطاها علاج مسكن ، لكن هي كانت بتاكل السبانخ كل يوم فطار وغدا وعشا ، لحد ما جت لها غيبوبة كلى، وراحت فيها ، والواد ابنها بقى يا عيني يتيم وعنده سنتين وشويه ، وجوزها الدكتور تشوفه يصعب عليك ، يقطّع القلب.

العبد لله : يصعب علىّ ازاي .

ناجح : بقي زي المجاذيب على كلمة واحدة يا عيني ، وكمان مش بينام عمال يقول:

"السمع والطاعة ضيع الجماعة .. السبانخ به سم قاتل".

وعلى الله قصد السبيل

عجبي على راجل ما هوش راجل

خلّى الخراب على البيوت عاجل

 لا هو بيرحم ولا يسيب رحمة ربنا تنزل

والظلم منهجه .. والعنوان راجل عادل .