 الملكية الفكرية .. متى تكون ضمانا للاقتراض

 بقلم : خالد حسن
في العالم الرقمي باتت حماية حقوق الملكية الفكرية تشكل أحد أهم متطلبات توطين صناعة تكنولوجيا المعلومات والكثير من الصناعات التي تعتمد على إبداعات العقل البشري بل تحول الكثير من اقتصاديات العالم من هيمنة الأصول الملموسة (كالأراضي والمباني والمعدات والأجهزة والمخزون) إلى الأصول غير الملموسة كالملكية الفكرية أو "IP" وأصبحت هذه الدول تتخلص من المصانع وتركز على مراكز الأبحاث والتطوير لإدراكها أن القيمة المضافة الحقيقية في عملية الابتكار والإبداع للمنتجات وليس في تصنيع المنتج كما أصبح الإبداع الفردي والمشروعات الصغيرة والمتوسط ) تشكل أحد أهم منابع الابتكارات العالمية بشكل متزايد ولم يعد الأمر يعتمد على حجم الأموال التي تمتلكها هذه المؤسسات بقدر نوعية الأفكار القادرة على تقديمها وتطويرها لذا وجدنا أفرادا وشركات صغيرة ، لم يمر على تأسيسها سوى سنوات محدودة ، ولكنها تصل إلى قائمة أكبر الشركات العالمية وأكثرها نموا .
ومن ثمة فإن توفير الحماية لحقوق الملكية الفكرية لم يعد يقتصر على حماية براءة الاختراع ، العلامات التجارية ، حقوق النشر – ومصنفات أدبية وفنية ، تصاميم وشعارات وأسماء وصور ، بل إن البعض يتوسع فيها ويضم ما يعرف بـ " سر المهنة " مثل استراتيجيات التسعير وقوائم العملاء وعمليات التصنيع إلى حقوق الملكية الفكرية التي يجب حمايتها وذلك نظرا لأهمية حماية حقوق الملكية الفكرية في تشجيع وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية .
ومع اعترافنا بالملكية الفكرية محمية قانونا بحقوق منها مثلا البراءات وحق المؤلف والعلامات التجارية التي تمكّن الأشخاص من كسب الاعتراف أو فائدة مالية من ابتكارهم أو اختراعهم إلا أنني كنت سعيدا جدا بما صرحت به أسماء حسني ـ الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات " إيتيدا " ، خلال حوارها مع جريدة عالم رقمي ، من أنها تسعى حاليا بالتعاون مع إدارة الملكية الفكرية الموجودة بالهيئة لإقناع الجهات التمويلية والبنوك بكيفية التعامل مع حقوق الملكية الفكرية كأصل أو مستند يؤهل شركات التكنولوجيا للحصول على احتياجاتها من التمويل بما يساعد الشركات على تجنب الصدام بالشروط التعجيزية التي تتطلبها البنوك كضمان للحصول على قرض مالي كما تتعاون مع شركات التأمين لتقديم وثيقة بتأمين مخاطر عدم السداد لقروض شركات التكنولوجيا .
وفي تصور كل مشروع ناجح صغير أو متوسط الحجم، ترتبط قوته التنافسية على نوع أو أكثر من أنواع الملكية الفكرية، سواء كانت ابتكارات تقنية، أو تعبيرات إبداعية، أو هوية الشركة وعلامتها التجارية، أو براعة مملوكة، أو أي شكل آخر. إن حماية الملكية الفكرية في الوقت المناسب وبالطريقة السليمة تمكّن أي مشروع صغير أو متوسط من الحفاظ على قدرته التنافسية ورفعها بل وتحويلها إلى أموال. على سبيل المثال، يمكن لحماية الملكية الفكرية أن تساعد المشروع الصغير أو المتوسط في الحصول على عائد من استثماراته في البحث والتطوير وتكوين العلامة والسمعة وما شابه ، منع أي منافسين من دخول الأسواق أو عرض أنواع معينة من المنتجات أو الخدمات ، تمييز عروض منتجه أو خدمته ومنحها علامات تجارية محمية مع وضع أصوله الخاص بالملكية الفكرية للاستخدام في المفاوضات القانونية والمالية، مثلا في زيادة رأس المال، أو إبرام التراخيص والعقود الأخرى، أو إنشاء قنوات للبيع وشركات استراتيجية، أو التمويل وهكذا.
في النهاية نتطلع منظومة متكاملة للحماية وتعظيم الاستفادة من حقوق الملكية الفكرية يرمى ، من خلال إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، إلى إتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار.