 الملكية الفكرية .. ومستقبل الصناعات الثقافية " 1 "

 بقلم : خالد حسن
تعد " الصناعات الثقافية " واحدة من أهم الصناعات التي تعتمد على الإبداع الإنساني والابتكار والتي يكون لها دور إيجابي ومهم في حفظ تراث الأمم والهوية الوطنية .. هذا وناهيك عن دورها الكبير في اقتصاديات العديد من دول العالم .
وترتبط تنمية هذه " الصناعات الثقافية " بدرجة كبيرة بحماية حقوق المؤلف ومكافحة ظاهرة القرصنة بدرجة كبيرة وقبل الدخول في تحليل هذه العلاقة ومدى تأثرها نود أولا الإشارة إلى أن الصناعات الثقافية تتضمن " على سبيل المثال وليس الحصر " نشر الكتب والجرائد وتسجيل الموسيقى والبرمجيات وصناعة الأفلام والسينما والبث الإذاعي والتليفزيوني وهي صناعات تعتمد بصورة أساسية على الإبداع الشخصي .
ونتصور أن توفير حماية حقوق الملكية الفكرية هو أمر ضروري لدعم هذه الصناعات الإبداعية وبدون التفعيل الرشيد لقوانين الحماية يصعب الكلام عن تحديث هذه الصناعة ومواكبتها التطورات المتلاحقة في هذا المجال لاسيما أن أغلب المؤسسات العاملة في هذه الصناعات هي غالبا مؤسسات صغيرة ومتوسطة لا تسمح لها إمكانياتها المالية والفنية بالاستمرار إلى ما لا نهاية في الإنتاج بدون وجود تنظيم للسوق أو حماية لمنتجاتها لضمان الحصول على العائد المادي الذي يسمح لها بتطوير إنتاجها .
ومؤخرا أعلن المهندس شريف إسماعيل ـ رئيس مجلس الوزراء أنه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء شركة قابضة للصناعات الثقافية مع مخاطبة الكيانات المعنية بالبث الفضائي وإدارة الأقمار الصناعية ، التي في مدارنا ، لوقف بث القنوات التي تقوم بإذاعة الأفلام المقرصنة " بدون الحصول على رخصة من الشركات المنتجة لهذه الأعمال السينمائية ، بالإضافة إلى زيادة الدعم المالي لصناعة السينما من 20 مليون جنيه سنويا إلى 50 مليون جنيه سنويا .
ولعل الرقابة الرشيدة التي تبحث عنها توطين " الصناعات الثقافية " تعتمد على مدى قدرتنا على تحقيق التوازن بين تنمية السوق وحماية القدرة الإبداعية إذ إن المبالغة والتشدد في الحماية لمنتجات هذه الصناعة ربما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها بصورة تؤثر سلبا على زيادة قاعدة المستخدمين وبالتالي انحصار الطلب اللازم لاستمرار وتطوير هذه الصناعات ومن ثمة فالمطلوب تهيئة المناخ المناسب الذي يسمح للمؤسسات العاملة في هذه المجال بحماية حقوقها وضمان الحصول على عائد مادي ولكن في نفس الوقت ألا يكون هناك استغلال للمستخدم النهائي وفرض أسعار احتكارية وغير واقعية ولا تتناسب مع مستويات الدخول لغالبية المستخدمين .
وربما يرى البعض أنه بالنسبة للدول النامية " والتي تعاني من صغر حجم الطلب وانخفاض القدرة الإبداعية " فإن الحماية الأقل لحقوق الملكية الفكرية ربما تكون الأنسب لبناء ودعم الصناعات الثقافية إلا أن هذا الفرض ربما يكون صحيحا إذا كانت الدولة مستوردة بصورة تامة لمنتجات هذه الصناعة دون أن يكون لها أي دور أو خطة مستقبلية لتوطين هذه الصناعات والعمل على تنميتها كما أن أي تهاون في مجال حماية الملكية الفكرية ربما يؤدي إلى انهيار الأسعار بصورة لا تشجع أي مستثمر على الدخول في الصناعة .. هذا وناهيك عن خروج الشركات العاملة من المنافسة وعدم قدرتها على تنويع وتطوير منتجاتها .
ونعتقد أن الأنسب بالنسبة للدول النامية " ونحن منها " هو وجود حماية فعالة لحقوق الملكية الفكرية والتى تسعى لضمان حصول المستخدم النهائي على كل حقوقه بجانب تشجيع مبدأ المنافسة بين المنتجين وعدم حدوث أي عمليات احتكار .