قناة السويس .. أنشودة الحياة

بقلم : خالد حسن

من يمتلك تاريخ، وحضارة يدرك قيمة الولاء، وحب الوطن، والذي يجب عليه أن يترجم ذلك إلى علم، وعمل يساهم في الحفاظ على هذا التاريخ، واستمرار هذه الحضارة، ومن هنا فان إنجاز المصريين لمشروع قناة السويس الجديد هو تأكيد على قدرة الإنسان المصري على الإبداع، والعطاء بلا حدود عندما تتاح له الفرصة، وتحقيق معجزات بمعنى الكلمة رغم كل التحديات والصعاب .
من كان يظن أن مصر ستعود بكل هذه القوة، والقدرة على الإنجاز في هذا الوقت الزمني القياسي، وإبهار كل دول العالم، فحين تشكك الكثيرون في قدرة المصريين على الخروج من أزمتهم الاقتصادية ، بعد ثورة 25 يناير ، إلا بعد عشر سنوات فها هم المصريون يفتتحون الجزء الأول من مشروع قناة السويس الجديدة ، باستثماراتهم المالية الذاتية والتي تجاوزت 8 مليارات دولار ، وليكون خير شاهد على أن مصر تعود وتتطلع إلى المضي قدما من أجل مستقبل أفضل لأبنائها ولتؤكد أننا شعب يحب ويكافح من أجل السلام العالمي .
الأهم أن مصر أعلنت أيضا على استعدادها لإطلاق أكثر من 40 مشروعا متنوعا أمام الاستثمارات الأجنبية ، التي تبحث عن تحقيق أرباح ، عبر مشروعات تنمية محور إقليم قناة السويس باستثمارات تتجاوز 200 مليار دولار ستساهم في حل الأزمات التي تعاني منها مصر حاليا بجانب إعادة التوزيع العمراني والجغرافي للسكان ، وإعادة تسكين نحو 5 ملايين مواطن في سيناء، من خلال مشروعات عمرانية متكاملة تستهدف استصلاح وزراعة نحو مليون فدان، حيث إن الاستثمارات والبنية الأساسية والإنشاءات المتوقعة لتنمية إقليم قناة السويس ضخمة جدا، وتقترب من حوالي 100 مليار دولار حتى عام 2022.
وفي الحقيقة لست هنا بصدد مناقشة جدوى إقامة مشروع قناة السويس ، لاسيما أن الجزء الأول تم بالفعل بنجاح ، ولكن هدفى تسليط الضوء على المشروعات التنموية التي سيتيحها هذا المشروع لبناء مصر المستقبل وإطلاق حزمة متكاملة من المشروعات ستدخل مصر في مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية.. كما أنها ستعيد توزيع خارطة السكان في مناطق القناة وسيناء ناهيك عن بعد الأمن القومي والاستراتيجية لتسكين المصريين في سيناء .
وفي تصوري أنه من المهم وضع أولويات لأجندة المشروعات التي يتضمنها مخطط التنمية لإنعاش الاقتصاد وتحقيق فرص العمل إذ أعلنت الحكومة التركيز على 3 محاور أولها "محور التنمية في منطقة شرق بورسعيد" حيث يتضمن إقامة محطة للحاويات والصب السائل، ومحطة تموين لوجستية، بالإضافة إلى محطة للحبوب أما "محور التنمية" الثاني، فيقع في منطقة "الإسماعيلية الجديدة"، ويتضمن إقامة "وادي التكنولوجيا"، ويضم صناعات إلكترونية، وهندسية طبية، وآلات دقيقة، ومعدات اتصال، بجانب "المنطقة الصناعية لمدينة القنطرة شرق" على حين يتضمن المحور الثالث"، والذي جرت حوله دراسات ومناقشات قبل عدة سنوات، فيقع في منطقة "شمال غرب خليج السويس"، ويتضمن مناطق للصناعات الثقيلة، ومركزاً للمعلومات، ومجمعاً للخدمات التموينية، فضلاً عن مجمع طبي، ومراكز أبحاث، وجامعة، ومعاهد تعليمية.
في اعتقادي مشروع قناة السويس يمكن أن يكون القطارة التي ستعيد الانتعاش والرواج للاقتصاد المصري والعودة لمعدلات التنمية التي كانت تناهز 8 % تقريبا ، منذ 4 سنوات ، ولكن مع مراعاة الأخذ فى الاعتبار البعد الاجتماعي للتنمية الاقتصادية ، نظرا لاعتبار غالبية المشروعات كثيفة العمالة ،بما يساهم فى القضاء على البطالة فى محافظات القناة وما يجاورها من محافظات .
المهم هو سرعة طرح هذه المشروعات ، على غرار ما تم فى حفر قناة السويس ،والتي ينتظرها كل المصريين حتى يمكننا حصد ثمار هذا المشروع القومي وألا تؤثر البيروقراطية الحكومية على جدواه وتضع العراقيل والعقبات أمام استكمال تنفيذه كما هو مخطط من البداية بما يؤدى الى ارتفاع الحالة المعنوية للشعب المصري وهذا هو الهدف الرئيسي من مشروع تنمية إقليم محور قناة السويس .
 مجرد تساؤلات
 6 أغسطس 2015 .. تاريخ لا ينسى في حياة الشعب المصري .. افتتاح مشروع قناة السويس الجديدة شريان الحياة لمصر والعالم أجمع ورمز للفخر والعزة والكرامة إذ استطاع المصريون إنجاز هذا العمل في زمن قياسي لاستعادة الثقة في أنفسهم وهو شيء مهم جدا .. فهل ننتظر إطلاق شرارة البدء في مشروع تطوير منطقة العلمين ؟

 50 ألف بطل .. هم العاملون الذين نجحوا في 360 يوما فقط ، مواصلة النهار بالليل ، في حفر القناة وكانوا على مستوى المسئولية بكل عزيمة وإصرار تدفعهم رغبة في أعماقهم لتحقيق حلم شعبهم .. تحية من القلب لكل هؤلاء المصريين .. فكيف يمكننا التوسع في انتشار عدوى ثقافة العمل الجاد بين جميع المصريين ؟

 إذا الشعب يوما أراد الحياة .. في صفحات كتب تاريخ الأمم تسطر فقط الإنجازات والنجاحات والمشروعات القومية ، والتي تعد بمثابة رمز للتحدي وإصرار الشعوب ، وستمحى ولن تذكر الصعوبات والتحديات ومن هنا فإن مشروع " قناة السويس الجديد " يسطر بأحرف من نور ما قام الشعب المصري في القرن الحادي والعشرين .