المواطن الرقمي ومهارات المستقبل

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

المواطن الرقمي ومهارات المستقبل

بقلم : د. غادة عامر

الطبيعي أن الأجيال المختلفة تمتلك قيما، وأساليب، وطرق تعامل ومصطلحات مختلفة، فما بالك بالجيل التكنولوجي الذي ولد في عصر الإنترنت بعد عام 1990 ، هذا الجيل الذي نما وهو يستخدم الإنترنت والهواتف الذكية بكل سلاسة، الجيل الذي يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض الاتصال والتعارف وأحيانا لمعرفة المعلومات ولبناء توجهاته.
هذا الجيل الطموح الذي أصبح عنده ثقة بنفسه بسبب انفتاحه على العالم وبسبب قدرته على الحصول علي المعرفة والمعلومات بسهولة وبسرعة، هذا الجيل الذي نتيجة لجرأته في التعامل ينظر إليه الجيل القديم علي أنه جيل متغطرس ومغرور، بدلا من أن يستفيد منه ومن قدراته التكنولوجية المهولة!
إن جيل التكنولوجيا لديه توقعات عالية، ودائما يسعى إلي كل التحديات الجديدة .. يكفي أن هذا الجيل لا يخشى أن يطرح سؤالا لأي شخص أيا ما كان منصبة إذا وجد أي شيء غير واضح بالنسبة له ـ (اي ليس لدية العقدة النفسية "أنا أعرف كل شيء" ). كما أنه طموح وفي أحيان كثيرة يكون موجهه نحو تحقيق أهدافه، وأصبحت أدوات تطوير نفسه وتحسينها متاحة بين يديه، هذا الجيل لديه القدرة علي التعلم لذلك تجده يميل إلى العمل في الأمور التي يحبها ويشعر أنها ممتعة بالنسبة له، حتى لو لم يكن درس عنها أو كانت تخصصه في مجال ما تعلمه في مراحل التعليم التقليدية، كأن تجد شخصا مثلا خريج معهد تجاري ومتميزا في مجال تصميم المواقع الإلكترونية، وصيانة الحاسب الآلي.
هذا الجيل يبحث عن الوظيفة المرضية .. لكن لابد أن تكون بيئة العمل التي يعمل فيها إيجابية ومرنة ومحفزة على الإبداع وتعطيه فرصة للتعلم والنمو. هذا الجيل يحب الحرية في تنفيذ ما يسند إليه من أعمال بطريقته، لذلك فهو يكره البيروقراطية والتعقيدات السابقة، وأكثر ما يميزه أنه يبدع عندما يحصل على التقدير المناسب.
لكن في الوقت نفسه ، يفتقد جيل التكنولوجيا مهارة التعامل مع الأشخاص التقليديين والمعقدين والمترددين في اتخاذ القرارات، لأنهم جيل "أريده الآن" ، لذلك تجدهم قليلي الصبر ، يميلوا للبحث عن الإشباع الفوري بدلا من الاستثمار على المدى الطويل من الوقت والجهد، كما أنهم يغيرون العمل بسرعة عندما لا يحصلون علي التقدير الذي يريدونه ، لذلك تجدهم يتنقلون من عمل إلى عمل بجرأة لم نعهدها في الجيل القديم.
لذلك مهم جدا أن يأخذ المسئولون وواضعو السياسات بعين الاعتبار طبيعة هذا الجيل الذي خلق ما يسمى بالمواطن الرقمي، عند التفكير في المهارات المستقبلية المطلوبة لنهضة وتقدم واستقرار المجتمع، لكي يستطيعوا تحديد المهارات التي سوف تكون ذات صلة في المستقبل بناء علي متطلبات ومهارات جيل التكنولوجيا. إن فهم المواطن الرقمي والاتجاهات الجديدة التي خلقها، تمكن واضعو السياسات من رسم استراتيجيات ووضع سياسات تعالج الظروف المتغيرة التي أحدثتها بسبب الابتكار المجتمعي والتغير التكنولوجي واستغلال التطور العقلي الذي حدث بنجاح.
إن المهارات التي يحتاجها المواطن الرقمي الآن وفي المستقبل، لم تعد تلك التي كانت تدرس لمعظم الناس في المدرسة أو الجامعة. إن التعليم لابد أن يؤخذ كحالة مستمرة لا توقف فيها، بمعني توفير فرص التطوير وإعادة التأهيل المستمر لكل فرد وموظف ومسئول في الدولة (لا أحد كبير علي التعلم في العصر الرقمي). كذلك لابد من تزويد الأفراد بالمهارات التي تتطلبها السوق في كل فترة، أي يكون تطوير التعليم بشكل سنوي بناء علي التغيرات التي تحدث في المجتمع سواء اقتصادية أو تكنولوجية ، كما يجب أن يدعم التعليم عقلية ريادة الأعمال حتى يتمكن كل فرد من التعرف على الفرص ويتم إعداد الأفراد لتحمل المخاطر.
وبدل أن يهتم واضعوا السياسات بتقييد إبداعات وحرية المواطن الرقمي، عليهم دعمه عن طريق معالجة بعض القضايا المستجدة مثل القيم والمفاهيم الدخيلة علي مجتمعاتنا، ووضع قواعد للأمن على شبكة الإنترنت، والخصوصية، ومحاربة الجرائم الإلكترونية، والإدمان، والانحرافات، ووضع سياسات لتقييم العمل عن بعد، ودعم فكرة التعلم الإلكتروني. وكما قال جورج باتون " القائد لا يخطط ثم يحاول عبثا تغير الظروف، بل عليه أن يجعل خططه تتوافق وتنسجم مع الظروف" هذا هو القائد الذي يبني أمة وهذا ما نحتاجه فعلا الآن!

مشاركات القراء