حماية الأفكار الابتكار في الاتصالات والمدن الذكية " 2 – 2 "

 بقلم : د. حسام نبيل
تحدثنا في نفس هذا المكان ، الأسبوع الماضي ، عن كيف يمكن للتقنيات الذكية مساعدة المدن في التعامل مع التحديات الناشئة ونستكمل اليوم حديثا إذ "المدينة السحابية " العديد من مشاريع المدن الذكية تكون مخصصة على حسب القطاع أو المجال، مثل قطاعات الرعاية الصحية والمرافق والنقل ومراقبة الحدود. وسيكون لهذه المشاريع المخصصة بحسب القطاع مجموعة أنظمتها وتطبيقاتها الخاصة. ومع توسع المدن، يتعين أن يتسع حجم هذه المشاريع مع الحفاظ على مستويات الخدمات التي تقدمها. وتتطلب المشاريع على مستوى المدينة، مثل إدارة الطاقة، الاتصال بين مختلف الادارات والمستفيدين مثل ملاك المباني.
ويُضاف إلى تعقيد الموقف تزايد نشر أجهزة الاستشعار أو البيانات التي يتم جمعها عبر هذه الأجهزة. ويمكن للمدن والقطاعات الاعتماد على التقنيات السحابية لدمج البيانات من مختلف التطبيقات وأجهزة الاستشعار، والوصول في الوقت نفسه إلى موارد حاسوبية وقدرات تخزين قابلة للتوسعة. وحيث إن المشاريع على مستوى القطاع أصبحت جزءاً من المبادرات الذكية على مستوى المدينة أو على مستوى الدولة، فقد أصبحت الحوسبة السحابية بالغة الأهمية لإنشاء منصة مشتركة للاتصالات والتعاون والمعلومات والخدمات.
ولتتمكن الحكومات والمنشآت من بناء مدن سحابية، يتعين عليها تعزيز الاستثمارات في مراكز البيانات القائمة أو بناء مراكز بيانات جديدة أكثر فعالية. ويمكن بناء الجيل المقبل من مراكز البيانات باستخدام مفاهيم وتقنيات مثل مراكز البيانات المعيارية والبنى التحتية التقاربية والتقنيات المعرفة بالبرمجيات، من أجل تعزيز الحيوية وزيادة القابلية للتوسعة وتعزيز المعايير والكفاءة. وتتطلب الحوسبة السحابية للمدن الذكية توافر البنية التحتية، بالإضافة إلى التعامل مع التطبيقات.
ويمكن تطوير تطبيقات لمشاريع مخصصة بحسب القطاعات أو لمبادرات موجهة للمدينة ككل. وعلى الرغم من أن إنترنت الأشياء قد أصبحت مألوفة بشكل أكبر، تتطلب الحوسبة السحابية الوصول إلى بيانات من تطبيقات خارجية تقوم بجمع البيانات من أجهزة الاستشعار. وعلى الرغم من المقترح القيم الخاص بالحوسبة السحابية والمتعلق بالكفاءة التشغيلية والإنتاجية والقابلية للتوسعة والتكاليف، تظل التحديات بشأن أمن البيانات وأجهزة الاستشعار وقابلية نقل البيانات مصدرا رئيسيا للمخاوف، خاصة عندما تتضمن البيانات معلومات بالغة الأهمية لمهمة بعينها على مستوى القطاع أو معلومات المواطنين.
وبالإضافة إلى ذلك، تحد التشريعات المتعلقة بالسيادة على البيانات من الاعتماد على الحوسبة السحابية في قطاعات مثل الحكومة والمالية والرعاية الصحية، مما يؤدي إلى تفضيل الاستفادة بالحوسبة السحابية الخاصة أو الهجين. المدينة الآمنة تهدف المدن الذكية إلى بناء بيئة مستدامة تتيح النمو والتنوع الاقتصادي، وسيتعين على أي مدينة ترغب في ضمان وجود بيئة جيدة ومستدامة لمواطنيها وشركاتها ومستثمريها ضخ استثمارات لتعزيز الأمن الفعلي والرقمي بالمدينة. وسيكون مخططو المدينة بحاجة للتعاون مع مختلف الجهات المستفيدة لنشر الحلول المناسبة وارساء المبادئ التوجيهية الملائمة وتعزيز المعالجة الفعالة. وسيكون على مخططي المدن السعي لتطبيق منهج شامل للأمن من خلال التعامل مع مختلف جوانب الأمن، مثل المستويات المادية والصناعية والرقمية.
ولتعزيز الأمن الفعلي، يتعين على المدن نشر أنظمة كاميرات المراقبة في المناطق العامة والسكنية والتجارية، كما يجب نشر أجهزة استشعار لتحسين استجابة خدمات الطوارئ وهيئات إنفاذ القانون. وقد أدت الاتصالات المتطورة عبر الإنترنت إلى جعل أنظمة التحكم الصناعي (SCADA) عرضة للتلاعب، وذلك لأن المنشآت العاملة في قطاعات مثل الطاقة والمرافق تقوم بنشر اجهزة استشعار لتحسين المراقبة والتحليل المباشر. ويتعين على الشركات التعامل مع أمن أجهزة الاستشعار هذه والأنظمة، حيث إن قطاعات مثل المرا فق تشكل جزءاً من البنية التحتية الوطنية بالغة الأهمية.
ويجب على المنشآت في هذه القطاعات المشاركة في عمليات تدقيق على الأمن وتقييم التعرض للمخاطر وإدارة الوصول ومراقبة الأمن. ويمكن أن يتراوح الأمن الرقمي لأي مدينة ما بين تأمين الشبكات على مستوى القطاعات أو المشاريع او استراتيجيات التأمين على مستوى المدينة أو على مستوى المنطقة. ويتعين على الدول، وليس المدن وحسب، ضمان سلامة الشبكات وإتاحتها على مستوى الدولة، بينما يتعين على المدن إنفاذ قوانين الجريمة الإلكترونية والالتزام بها، وكذلك اتخاذ إجراءات لضمان تأمين جميع بيانات المواطنين المحفوظة.
ويمكن أن تكون هناك عواقب وخيمة لأي انتهاك لبيانات المواطنين على الحكومة المعنية، حيث إن هذا الأمر سيؤثر على ثقة المواطنين بها. ويمكن للمدن الذكية نشر حلول مثل تشفير البيانات وادارة الهويات والوصول إلى البيانات، فضلاً عن مراقبة وتحليل الأمن لضمان سلامة شبكات المدينة. ويمكن للمدن والجهات المستفيدة الاستثمار في جميع هذه الحلول المختلفة أو نشرها، وعليها إدراك أن العديد من حلول الاتصالات وتقنية المعلومات ترتبط عادة بحلول الأجهزة والبرمجيات المملوكة للمنتجين، وقد يؤدي ذلك إلى حلول تفتقر إلى قابلية التشغيل بين ادارات مختلفة أو حصر المستخدمين( المواطنين أو الشركات) على منظومة منفردة، وتجاوز هذا التحدي قد يكون افراطا في التعهد من قبل المدن والموردين والمطورين.
وستواجه المدن التي تعتمد على الحوسبة السحابية لإنشاء منصة مشتركة صعوبات في حالة استخدام حلول برمجية مختلفة خاصة بأجهزة استشعار إنترنت الأشياء، وبالتالي فإن الحلول مفتوحة المصدر تمثل عرضاً جاذباً للمدن الذكية، والتي يمكنها من خلال الحلول مفتوحة المصدر نشر أجهزة الاستشعار والبنية التحتية وتطوير التطبيقات القابلة للتشغيل بين إدارات مختلفة والتي تتميز بفعاليتها من حيث التكلفة، وتوفير مستويات مرونة أكبر للمطورين والمستخدمين. وسيكون للحلول مفتوحة المصدر آثار واسعة النطاق، خاصة بشأن "البيانات المفتوحة"، حيث يتعين على المدن ضمان إتاحة البيانات العامة التي للجمهور للاطلاع عليها بحرية، وضمان شفافيتها وجودتها.
ويجب أن تُتاح البيانات على منصات البيانات المفتوحة بما يمكن من تطوير التطبيقات والخدمات التي يمكن استخدامها عبر المنظومة بسهولة وسلاسة. وتمثل الاتصالات وتقنية المعلومات دافعاً رئيسياً للتحول في المدن الذكية، على الرغم من أن المدن الذكية يوجهها المواطنون وتعمل لصالحهم. وتعمل المدن على توفير احتياجات المواطنين والشركات لاستخدام التقنيات كوسيلة لتنفيذ الأشياء بطريقة مختلفة، وكذلك لتعزيز الابتكار كجانب أكثر أهمية.