 "Think Tanks " والحوار المجتمعي

 بقلم : فريد شوقي
باتت البنية التحتية الرقمية ، التى تتمتع بها الدول ، أحد أهم مؤشرات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومدى قدرتها التنافسية على جذب الاستثمارات ، المحلية والأجنبية ، لتوطين ثقافة البحث والتطوير والابتكار في كل المجالات وخلق فرص العمل المستقبلية لأبنائها .
وفي الحقيقة فإن دولة الإمارات كانت لها الريادة في منطقة الخليج العربي في الاستثمار والاهتمام بتوفير البنية التحتية الرقمية وطرحها مؤخرا مبادرة "الابتكار المباشر" وهى عبارة عن مجموعة من ورش العمل إذ يلتقي الخبراء لبحث تحديات الابتكار في الإمارات، ووضع خطط وحلول تنفيذية لتجاوزها بهدف دفع النمو الاقتصادي في الدولة، إذ سيجري تقديمها ضمن مستند نهائي إلى حكومة دبي في شهر ديسمبر المقبل، وذلك بعد طرحها خلال قمة خاصة تستضيفها المبادرة " يوم 21 نوفمبر كجزء من أسبوع الإمارات للابتكار.
وتتماشى نقاشات ورش العمل مع طموحات الدولة في أن تضم أكثر مدن العالم ذكاءً وسعادة وفاعلية واتصالاً، وشارك فيها ممثلون عن وزارة الطاقة، وهيئة الطرق والمواصلات، والاتحاد للقطارات، ومعهد مصدر، ودائرة الأراضي والأملاك في دبي، ومكتب مدينة دبي الذكية، و"اتصالات"، إلى جانب خبراء من شركات عالمية، من بينها "هانيويل"، و"جنرال إلكتريك"، و"سيمينز"، و"برايس ووترهاوس كوبرز"، و"هيتاشي" وغيرها.
وتتمحور النقاشات حول سبعة مجالات وقطاعات رئيسية هي "الطاقة المستدامة" و"المدن الذكية" و"الرعاية الصحيّة" و"النقل" و"التعليم" و"التنوع الصناعي" و"الشركات الناشئة"، حيث جرى حتى الآن تحديد التحديات التي تواجه ثلاثة قطاعات منها.
أولها تحديات الطاقة المستدامة إذ ركزت الجلسة الأولى للتحديات التي تواجه الطاقة المستدامة على حاجة الدولة لنظام إمدادات كهربائية أكثر وابتكاراً واستدامة، وذلك لإبراز الدور القيادي الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في القطاع على الصعيد الإقليمي.
وبهذا الصدد، قال الدكتور ستيفن جريفيث ـ نائب رئيس الأبحاث في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا: "نسعى إلى الإجابة على السؤال المتمثل في كيف يمكن للابتكار المساعدة في إنشاء نظام مياه وكهرباء مستدام وآمن وبأسعار معقولة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ورأينا أنه من الضروري تركيز جهود الابتكار نحو الوصول إلى مستويات أكثر تأثيراً من حيث توفير الطاقة والمياه من خلال منهج يتضمن الابتكار في التكنولوجيا والسياسات والتعاون ومستويات وعي المستهلك، نظراً لأن كفاءة الطاقة والمياه تعتبر عوامل أساسية للاستدامة في الدولة".
ثانيا تحديات المدن الذكية اذ أكد خبراء ورشة عمل تحديات المدن الذكية على ضرورة تشكيل دولة ومدن تزداد فيها سهولة الاتصال. وتعليقاً عل ذلك، قال المهندس محمد خضر الدح ـ مدير إدارة الشئون الفنية في دائرة الأراضي والأملاك في دبي : "تضم إمارة دبي خليطاً من المجتمعات والمدن التي أنشئت لتعزيز النمو في مجالات غاية في التخصص، ونود رؤيتها بشكل أكثر اتصالاً، وهو ما يعكس التحدي الذي تتصدى له مجموعتنا المتخصصة بورشة عمل التحديات التي تواجه المدن الذكية، إذ نريد الإجابة عن كيفية ربط خدمات المدينة بشكل أكثر فعالية وسلاسة لتعزيز سعادة الأفراد وزيادة إنتاجيتهم".
بدوره، قال بيت كوستا ـ نائب رئيس شركة "هانيويل" لحلول الميكنة والتحكم في منطقة الشرق الأوسط: "تتضح المسيرة المتميزة التي تخطوها دولة الإمارات لتحقيق أهدافها في أن تضم أكثر المدن ذكاءً وسعادة وفعالية، في جهود التخطيط الحضري المتطور الذي تقوده الحكومة والقطاعات المختلفة. ويمهد الاستثمار في جدول أعمال الابتكار الوطني الطريق أمام الجهات المعنية للانسجام والمساعدة في رسم معالم مستقبل دولة الإمارات، حيث من المهم جعل المباني والمدن أكثر ذكاءً وتواصلاً لتحسين جودة الحياة التي يعيشها سكان الدولة".
ثالثا تحديات قطاع النقل حيث اعتبر الخبراء المشاركون في ورشة عمل قطاع النقل في الدولة أن التحدي يكمن في كيفية وضع مخطط رئيسي ومتكامل وذكي مستقبلي لنظام النقل في دولة الإمارات، بحيث يمتلك القدرة على الخروج من التقوقع، وإدارة الواجهات والوجهات الجديدة، وتحفيز الابتكار، ويتمتع بالمرونة، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الابتكار يعتبر لبنة أساسية لتحقيق البيئة الحضرية، خاصة مع بروز أهمية البنية التحتية الآمنة والفاعلة في ظل تطور مكانة الدولة بصفتها مركزاً تجارياً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط.
وفى الحقيقة فإن هذه المبادرة تعد بمثابة مركز لتوليد الافكار " Think Tanks " والتي هي بمثابة أحد أنواع الحوار المجتمع بين المسئولين الحكوميين وبين الخبراء والمتخصصين والمديريين التنفيذيين فى الشركات بعدد من القطاعات والذي يستهدف مشاركة الجميع في وضع حلول للتحديات المحددة التي تواجه مستقبل الدولة ويما يكفل تحقيق المرونة الاقتصادية والتنافسية العالمية .
كما تقدم هذه المبادرة الفرصة لطرح منصة من الأفكار والمقترحات واستعراض الفرص المتاحة في القطاعات الرئيسية بما يتسق مع تطلعات الدولة الى الانتقال من صفوف الدول النامية إلى الدول المتقدمة وكيفية الاعتماد على الابتكار والبحث والتطوير لتحقيق هذه الأهداف .
نتطلع إلى انتشار مراكز لتوليد الأفكار " Think Tanks " في جميع دولنا العربية بصفة عامة ومصر بصفة خاصة حتى يمكننا الاستفادة من جميع كوادرنا البشرية ، كمجالس استشارية للجهات الحكومية ، تساعد في الارتقاء بدولنا وتوفير مستوى حياة افضل لشعوبنا .