ثقافة الابتكار أسطورة التنين الأسيوي مع الابتكار

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

ثقافة الابتكار  أسطورة التنين الأسيوي مع الابتكار

بقلم : د. غادة عامر
في عام 2009 أعلنت وسائل الإعلام الغربية نبأ تصدر الصين المركز الثاني عالميا من حيث الناتج المحلي الإجمالي وأن حجم الاقتصاد الصيني سيفوق الاقتصاد الأمريكي في المستقبل القريب ، كما أن شركة برايس وتر هاووس كوبرز الأمريكية للخدمات المهنية في تقريرها عام 2010 أن الاقتصاد الصيني سيتجاوز الاقتصاد الأمريكي في عام ألفين وعشرين ، لتغدو الصين أكبر كيان اقتصادي في العالم . كما توقع روبرت فوغل ـ الأستاذ بجامعة شيكاغو ، والحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية بتفوق الاقتصاد الصيني على نظيره الأمريكي مضيفا أن الناتج المحلي الصيني سيحتل نسبة أربعين في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام ألفين وأربعين. و تنبأت مؤسسة جولدمان ساكس الأمريكية عام ألفين وثلاثة ،أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني سوف يلحق بنظيره الأمريكي قبل حلول عام ألفين وواحد وأربعين ، وبعد خمسة أعوام، تنبأت جولدمان ساكس مجددا بحدوث ذلك عام ألفين وسبعة وعشرين !

لقد كانت الصين تواجه العديد من المشكلات في المعيشة وفي مسيرتها التنموية، و كان الفساد مستشريا بدرجة كبيرة، وإذا ما استعرضنا أوضاع الصين في أواخر القرن التاسع عشر، سنجد أمامنا دولة شاسعة مترامية الأطراف تعاني من الكثافة السكانية الهائلة، حيث بلغ عدد سكانها تسعمائة مليون نسمة في ذلك الوقت، معظمهم من الفلاحين و غير المتعلمين. وكانت تعاني على المستوى الصحي من المجاعات والأمراض المتوطنة كمرض الرمد الحبيبي، وترتفع بين سكانها نسبة العمى ارتفاعاً مخيفاً، هذا بالإضافة إلى مائة مليون مدمن، أما على المستوى الثقافي فقد كانت تعاني من الجهل والتخلف التكنولوجي وانبهار الطبقة المثقفة بالغرب وثقافته، وعلى المستوى الاقتصادي عانت الصين من القيود الاقتصادية شديدة الوطأة الناتجة عن المعاهدات غير المتكافئة مع الغرب، بالإضافة إلى تخريب اليابان للاقتصاد الصيني، أما على المستوى الاجتماعي فقد كان نسيجها الاجتماعي مهترئاً ومهدداً بالتفكك. والصراع في داخلها على أشده نتيجة تعدد العرقيات، أما على المستوى السياسي، فعلى الصعيد الداخلي كانت تعاني من الصراع الداخلي بين العرقيات المتنازعة التي تريد الاستقلال وترفض التوحد وتعادي الدولة المركزية. بينما على الصعيد الخارجي احتلت بريطانيا أجزاءً من الصين لتصبح مستعمرات بريطانية – كمستعمرة هونج كونج – ثم يشن الغرب عليها حرب الأفيون في عام 1840م لينتج عنها مائة مليون مدمن!!!

ورغم أن حالنا في الوطن العربي لا الآن ولا قبل 100 عام كان بسوء حالة الصين قبل النهضة الاقتصادية والتكنولوجيا التي وصلت إليها الآن، إلا أننا لم نحقق أي نهضة سواء اقتصادية أو تكنولوجية أو حتى ثقافية، بل (عفوا ) خسرنا الكثير من مكتسباتنا وقيمنا. فكيف نهضة الصين هذه النهضة الأسطورية؟
لقد كان السر الرئيسي - من وجهة نظري - في نهضة الصين هو مجموعة من الإصلاحات والتطورات التي قامت بها الحكومة الصينية علي يد الزعيم الصيني دينغ شياو بينغ (مهندس نهضة الصين الحديثة) بالتعاون مع كل فئات الشعب وذلك باستخدام الابتكار كعامل رئيسي في تحول الاقتصاد الصيني من (صنع في الصين) إلى (اُبتكر في الصين ). فقد حث دينغ شياو بينغ الشعب كله لإطلاق العنان ليعملوا ويبدعوا وينتجوا كما يفعل العالم المتطور، كما عزّز دينغ شياو بينغ الدعوات إلى فكرة ماويّة مشهورة تحث علي الإبداع والبحث والابتكار، وهي "ابحث عن الحقيقة من خلال الوقائع"، في إشارة مقصودة منه إلى أنه لا توجد خريطة طريق جاهزة للإصلاح والتنمية، وأنه "يتعين على الشعب الصيني أن يعبر النهر بنفسه ليتحسس بأقدامه الحصى الموجود في قاع النهر". فبدأت مسيرته الإصلاحية بالعديد من الخطوات، مثل محاربة الفساد بكل أشكاله بشكل قوي ورادع، وقام بدمج معظم فئات الشعب في دعم واتخاذ القرار بشكل فعال وحقيقي، وأكد علي أن لا يعين إلا الأفضل دون أي محسوبية، وقام بتقليل الاستثمار في الصناعات الثقيلة من أجل تحقيق الموازنة لجميع القطاعات، وزيادة الأسعار التي تدفعها الحكومة لشراء محاصيل الفلاحين وشجع السوق الحرة للمنتجات الريفية وأنشأ مدارس لتعليم فنون وهندسة الزراعة، كما قامت الدولة بتوفير كل المعدات الزراعية والآلات الضرورية للمزارعين وإعفائهم من الضرائب والرسوم .. الأمر الذي شجع الفلاحين كثيرا ودعم خلق فرص عمل نوعية ومبتكره، وفي المدن تبنى سياسات قوية لزيادة فرص العمل ـ خاصة للخريجين الشباب، وسمح بقيام أعمال خاصة صغيرة من ابتكاراتهم، والأهم أنه دعا الجيش للإسهام في الحملات المدنية لتحديث الاقتصاد، وطالت إصلاحاته حتى ميزانية الجيش، مُقترحا تقليل إنتاج الأسلحة، عدا الاستراتيجية منها. وحث على إنهاض التعليم وتجديده ليدعم التفكير الإبداعي لدى الطلاب. لقد ركز الشعب الصيني على استخدام الابتكار كعامل رئيسي في التحول الاقتصادي وآمنوا أن الابتكار ظاهرة مهمة للغاية مسئولة عن عدد كبير من الفوائد الاجتماعية والاقتصادية، لذلك وبحسب الخبراء، فإن المشهد الابتكاري الصيني شهد تحسينات تنظيمية في كل المجالات خاصة منذ تبني مؤشر الابتكار العالمي في 2007. و الآن وفي 15 أغسطس 2016 قال تقرير مشترك لكل من جامعة كورنيل وكلية إنسيد لإدارة الأعمال والمنظمة العالمية للملكية الفكرية إن الصين أول دول العالم ذات الدخل المتوسط تنضم إلى التصنيف ضمن أبرز 25 اقتصادا ابتكاريا في العالم. وما زال تقدم الصين مستمرا ، و ما زلنا نحن (كعرب) ننتظر الفرج!!!!

مشاركات القراء