 مصير البيانات الشخصية

 بقلم :د. حسام نبيل
ان التعامل في البيانات الشخصية للأفراد أمر شبه يومي ، ففي كثير من التعاملات تطلب الجهة التي يتعامل معها الشخص أن يقدم بياناته الشخصية لها ، سواء أكانت هذه الجهة جهة عامة خاضعة لإدارة الدولة أم كانت جهة خاصة.
فعندما يتعامل الشخص مع جهة عامة أو خاصة للحصول على خدمة أو حتى شراء سلعة معينة ، فإن هذه الجهة تطلب منه بياناته الشخصية وذلك حتى تسمح له بالحصول على هذه الخدمة أو السلعة ، ويقوم الشخص بالإفصاح عن بياناته الشخصية لهذه الجهة في سبيل الحصول على الخدمة أو السلعة دون أن يقكر بشأن مصير بياناته التي تم الإفصاح عنها , ولكنه يفاجأ بعد مدة زمنية قصيرة أو طويلة أن بياناته التي قام بالإفصاح عنها يتم استعمالها من قبل الجهات التي تم الإفصاح لها عن هذه البيانات أو من قبل جهات أخرى غير التي قام بالإفصاح لها عن هذه البيانات.
فعندما تقوم هذه الجهات بتجميع البيانات الشخصية ، فإن هناك نظاماً آخر خفياً في التعامل مع هذه البيانات الشخصية ، هذا النظام قد يتطور فيه التعامل مع هذه البيانات من مجرد تجميعها وتخزينها إلى الاتجار فيها وبيعها بهدف الحصول على الربح.
كما أن تطور أساليب الدعاية والتسويق أدى إلى أن تصبح البيانات الشخصية الأساس الذي يتم بناء أساليب الدعاية عليه ، فقد ظهرت نظرية التسويق المباشر التي تقوم على أساس إنشاء دعاية خاصة لكل عميل وفقاً لما يتم تجميعه من معلومات عنه ، هذه المعلومات هي البيانات الشخصية لهذا العميل ، لذا أصبحت للبيانات الشخصية قيمة مادية ، مما أدى إلى ظهور تجارة البيانات الشخصية ، حيث أصبحت سببا لربح كثير من الشركات والأفراد وعلى الرغم من عدم وجود تشريع يحمي البيانات الشخصية للأفراد في معظم مجتمعاتنا العربية وبالأخص في مصر على الرغم من وجود تنظيم قانوني دولي وإقليمي في أوروبا واتفاقيات لحماية البيانات التي يتم تداولها تحت ضغط اعتبارات المصالح القومية العليا للدول الأوروبية وأمريكا في محاربة الإرهاب ومدى الاحتياج إلى وجود تنظيم تشريعي لحمايتها في ظل القيمة الكبيرة للمعلومات الشخصية سواء من ناحية القيمة المادية لها أو الاستراتيجية ومدى أهمية حمايتها كجزء من الأمن القومي للدول وكذا لإعلاء حقوق وحريات الأفراد وحماية حقوقهم في خصوصية بياناتهم الشخصية وعدم تداولها أو معالجتها أو تحليلها دون إذن أصحابها أو مسوغ من القانون لذا بات من الضروري التعرف على التحديات التي تواجه تحقيق تلك الحماية وما هي الحلول الممكنة لتفعيل الحماية للبيانات الشخصية كخطوة أساسية نحو إعلاء قيمة الإنسان وحماية حقوقه .
كذلك فإن البيانات الشخصية هي أحد المحاور المهمة والأساسية في الحق في الخصوصية والتي تناولتها المواثيق الدولية ونصت عليها باعتبارها حقا أساسيا من حقوق الإنسان لذا فقد تواترت التشريعات المختلفة على حمايتها ومع التطور الحادث في استخدام شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وما تحوية من بيانات ومعلومات شخصية خاصة بالأفراد وظهور تقنيات متقدمة لجمع ومعالجة البيانات الشخصية لاستخدامها في العديد من الأغراض التي تعد انتهاكا لحق الإنسان في الخصوصية فقد اسبغت الحماية للبيانات الشخصية في العديد من المواثيق الدولية والإقليمية خاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وفي ظل ضعف الحماية القانونية لتلك الحقوق التي تطورت حمايتها بشكل كبير في الآونة الأخيرة في ظل الاستخدام المتنامي لمواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم صار من الأهمية بمكان التعرف على الحماية التي طبقها المجتمع الدولي في هذا الاطار والتحديات التي تواجه تفعيلها وتعزيزها ثم الحلول المقترحة وفقا لما تم تطبيقه في الدول المقارنة.