 الريادة في الأعمال من الصناعة للمجتمع (34) _الهيكلة المؤسسية (2/4)

 بقلم د/ أحمد الحفناوى

كما أوضحنا في مقالنا السابق فلا يمكن أن نتوقع أي تطوير جذري في ظل الهيكل الحالي للقطاع والذي يفتقر لأبسط قواعد الحوكمة، مما حد من تنمية حقيقية للقطاع على مدى يفوق عشر سنوات وحتى قبلها فكان التطور غير متوافق مع معدل التطور العالمي الضخم. يجب أن يكون هناك منظم مستقل عن الجهة المنفذة عن واضع السياسات عن المفكر. للوصول إلى هذه المرحلة من النضج وقيام كل طرف بدوره بدون التعدي على الأخر ولكن استكمال دوره لن يقوم به سوى وزير يتميز بالجرأة والوطنية وإنكار الذات طبعا مع فهم لأسس الصناعة وتوجهاتها. التقسيم الوحيد الذي تم سنة 2004 كان هو إعطاء دور أتمتة الحكومة لوزارة التنمية الإدارية وتنمية القطاع الخاص لوزارة الاتصالات ولم ينجح هذا بأي درجة لا في تنمية القطاع الحاص ولا في أتمتة الحكومة. وكان الصراع بين الإثنين على أشده مما أدى إلى تعثر العديد من المشاريع القومية ومن أهمها نظام العناوين القومي والتسجيل العيني وغيرها.
إذن تبدأ الهيكلة المؤسسية بالهيكلة القطاعية وحيث أن هذا القطاع هو قطاع خدمي ومرفقي ومعدل التغير فيه سريع جدا والقوة الرئيسية المنفذة هي القطاع الخاص فنرى أن الهيكلة القطاعية المناسبة هي:
يقتصر دور الوزارة على وضع السياسات والتنسيق مع الوزارات الأخرى سياسيا في وضع الأطر الحاكمة ومنهجيات التنمية المطلوبة بناء على معطيات من مجالس فكر قطاعية. (أقترح أن تسمي وزارة المجتمع الرقمي).
جهاز تنظيمي قوي (يفضل أن ينظم كل المرافق الشبكية ويتبع ممثلي الشعب - مجلس النواب. المثال الألماني جيد أن يدرس. دور التنظيم هو التوازن بين متطلبات العملاء (شرائح المجتمع المختلفة) ومقدمي الخدمة من خلال قياس مستويات الخدمة والتأكد من عدم استغلال أي طرف للأخر ويعمل طبقا لواضع السياسات التنظيمية.
شركات خاصة منفذة لكل المجالات مع إعطاء الشركات المصرية قنوات تفاعلية مباشرة مع المؤسسة العسكرية وبالذات في مجالات الأمن القومي وعلى رأسها البحث والتطوير.
مجلس فكر أو أكثر لمناحي المجتمع الرقمي (تعليم – صحة – نقل – طاقة – تجارة – تصنيع – زراعة – الخ) يمثل بها الرواد المفكرين ليسوا كممثلي جهات ولكن معبرين عن فكر كل المعنيين بالشأن سواء مجتمع مدني أو حكومة أو قطاع خاص، سواء أكاديميين أو صناعيين. وعلى أن يشملوا بشكل متوازن البعد الاقتصادي والاجتماعي والفني. تقوم مجالس الفكر بإعداد دراسات متكاملة، وبالذات عن التوجهات المستقبلية للقطاع وعملائها هم الثلاث جهات السابقة. وعلى أن يفرض تشريعا ألا يقوم أي متخذ قرار يمس المال العام بأخذ أي قرار استراتيجي إلا طبقا لبدائل تم دراستها من هذه المجالس وبالتالي نتحول من ردود الأفعال إلى المبادرات.
بصراحة شديدة حان وقت هيكلة قطاعية لهذا القطاع الحيوي الذي لا يمكن عمل تنمية حقيقية لمصر بدونه فهو يمثل الجهاز العصبي للدولة المصرية. في المقال القادم نعرض دور الجهات التابعة حاليا للوزارة في ظل هذا الهيكل القطاعي.
Dr.elhefnawy@gmail.com