الحكومات وإتاحة البيانات Open Government Data

بقلم : د . محمد عدلى
هو اتجاه عالمي متبع في العديد من الدول المتقدمة ويلزم حكوماتها بأن تتيح للمواطنين وغيرهم من المهتمين كما من البيانات التي تساعدهم على حياة أفضل بل وعلى النهوض وتنمية الوطن نفسه، فكما أن لأمن المعلومات أو الأمن السيبرانى أهميته وخصوصيته وكما أن لكل ما يخص الأمن القومى قداسته فإنه يجب احترام هذا الحق المشار إليه فى عنوان المقال وهو إتاحة البيانات التى لا تتعلق بالأمن القومى ولا تمس الخصوصية بل وتؤدي إتاحتها إلى الفائدة وإلى الحياة الكريمة وزيادة فرص الاستثمار وخلق فرص العمل بين أرجاء هذا الوطن الذى يحترم هذا الحق.
وهذه النوعية من البيانات التى يجب أن تكون متاحة من خلال العديد من القنوات وأقول يجب لأنها أصبحت حقا كما أشرنا هى تلك البيانات الصادرة عن الجهات الحكومية الموثقة فيما يتعلق بمختلف نواحي الحياة العامة من مناخ وصحة وتعليم واستثمار ومواصلات وغيرها كما يجب أن تكون إتاحتها من خلال قنوات رسمية موثقة مثل الجريدة الرسمية والبوابات الإلكترونية الرسمية الخاصة بكل جهة حكومية تمتلك أيا من تلك البيانات، وتجدر الإشارة هنا إلى الدور المهم والحيوي الذي تلعبه تكنولوجيات الاتصالات والمعلومات في تحقيق هذه الإتاحة بشكل ميسور وكذلك في حفظ وأرشفة هذه البيانات من الأساس في صورة إلكترونية سهلة التداول عبر مختلف الوسائط.
ولنضرب بعض الأمثلة السريعة فحالة الطقس اليومية ونسبة انتشار وباء أو مرض معين وفرص الاستثمار ونوعيته الموجودة داخل إحدى المحافظات وكذلك فرص العمل والتعليم ونوعيته داخل هذه المحافظة من تعليم أساسي ومتوسط وتعليم عال هذا إلى جانب المزارات السياحية والحالة الأمنية العامة في مكان بعينه كل هذا يعد من البيانات التي يجب إتاحتها للمواطنين ولغيرهم والسائحين أو المستثمرين أو حتى المحللين داخل الوطن وخارجه وبصورة يسهل الوصول إليها ويسهل فهمها كذلك من حيث اللغة والتبويب وتنسيق البيانات ومن حيث المصداقية.
ويوجد العديد من التجارب العالمية الناجحة في هذا المجال والتى تتسابق حكوماتها على إتاحة البيانات بشكل أكبر من غيرها أو بصورة أدق عما سبق كما تتنافس كذلك في إنشاء الهيئات المسئولة عن تدقيق البيانات الصادرة عنها وفى تعديد وتنويع القنوات التى يمكن من خلالها الوصول إلى تلك البيانات. وتعد إنجلترا واحدة من أبرز تلك التجارب الناجحة وأسبقها فى الظهور على الإطلاق، فيوجد لدى الحكومة الإنجليزية عدد لا بأس به من الهيئات الرسمية والبوابات الإلكترونية التى يتم من خلالها إتاحة كم هائل من البيانات وبشكل دورى مما ساعد على ترسيخ وتعميق مبدأ الديمقراطية والشفافية لديهم. وإلى جانب إنجلترا نجد أن بعض الدول الآسيوية المتقدمة تكنولوجيا قد سعت إلى توظيف ما لديها من تكنولوجيا لخدمة إتاحة البيانات ومنها ماليزيا والهند وسنغافورة. ولم تغب الدول العربية عن المشهد فيوجد لدينا بعض النماذج المشرقة فى الإمارات والسعودية والأردن حيث يخطو الأشقاء هناك كل يوم خطوة جديدة على هذا الطريق. ولا يفوتنى فى الختام أن أشير إلى أن مصر قد تنبهت إلى هذا الأمر مهم منذ عدة سنوات فسعت إلى إنشاء مواقع إلكترونية للجريدة الرسمية والوقائع المصرية والبوابة الحكومية فضلا عن العديد من الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى وذلك فى سبيل إتاحة البيانات الحكومية الموثقة.