حماية الأفكار الدخول لقواعد البيانات القضائية .. وحماية الخصوصية الشخصية

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

بقلم : د. حسام نبيل
إن المصادر الأولي للقانون سواء التشريع أو السوابق القضائية والمواد القانونية العامة المتاحة ، يجب أن تكون متاحة للاطلاع ليس فقط للقضاة أو العاملين في النظام القضائي وإنما للجمهور من الناس سواء عبر شبكة الإنترنت الخاصة بالمحاكم أو بشكل عام لمستخدمي الإنترنت ، كما أن كل مصادر القانون سواء القواعد العامة أو الإجرائية أو التطبيقات أو المرافعات وأمثلة النماذج التي تساعد على إرشاد وتعريف المتعاملين مع النظام القضائي أو الجميع وكذلك تفسيرات المصطلحات القانونية والقضائية والوثائق القضائية الخاصة بالأحكام وأسبابها القانونية يجب أن يتم حفظها بشكل يتيح للجميع الاطلاع عليها بسهولة ويسر.
يضاف إلى ذلك ضرورة أن يتم وضع المعلومات الخاصة بالقضايا في شكل سهل يتيح للقضاة أيضا الوصول إلى الوثائق الخاصة بحالة قانونية معينة أو المصادر القانونية الأخرى التي تم اتخاذ القرارات القضائية استنادا لها في وقائع سابقة حتى يتمكنوا من الاسترشاد بها في اتخاذ القرارات القضائية في القضايا المعروضة عليهم لإصدار الأحكام فيها ، كما أن تلك المعلومات التي تتاح عبر الإنترنت والخاصة بالنظام القضائي والمحاكم الإلكترونية تساعد المحامين والأفراد والقضاة وموظفي المحاكم على الوصول إلى المعلومات التي يريدونها لتسهيل تعاملهم مع القضايا التي قد يكونون أطرافا فيها أو ينظرونها لإصدار الأحكام فيها أو يتخذون إجراءات إدارية لإتمام تسجيلها ، وهو ما يساعد على سرعة البت في القضايا وصدور الأحكام فيها مما يحقق عدالة ناجزة وتعزز الثقة في النظام القضائي كله كما يحقق شفافية غير مسبوقة في أدائه ويضاف إلى ذلك مسألة تسهيل الحصول على تلك المعلومات للأفراد الراغبين في الحصول عليها سواء من المحامين أو أطراف الدعاوى أو الراغبين في الحصول على المعلومات لإجراء الدراسات أو الأبحاث أو غير ذلك مقابل مبلغ بسيط أو مجانا مما يحقق إتاحة القدرة على الوصول للمعلومات للغني والفقير وهو ما يحقق شفافية في الأداء ، ويلزم على الجهة المنظمة للتقاضي الإلكتروني أن تتيقن من إتاحة المعلومات القضائية للجميع من خلال شبكة الإنترنت عبر الموقع الإلكتروني وقواعد البيانات الخاصة بالنظام القضائي .
ومن الملاحظ أن إتاحة المعلومات الخاصة بالنظام القضائي في منظومة التقاضي الإلكتروني في الشكل الإلكتروني عبر الإنترنت كما بينا للجميع من المواطنين والمحامين والقضاة وموظفي الهيئات القضائية سواء كانت تلك المعلومات خاصة بالقوانين أو الأحكام أو أي بيانات يقوم النظام القضائي بإنتاجها تحقق تقاربا كبيرا بين النظام القضائي والعدالة بالإضافة لتعزيز الثقة في القضاء وعدالته ، وهو ما جرى عليه مجلس أوروبا عندما أورد في التوجي 1049/2001 في المادة 12 منه وجوب اتاحة الوثائق القانونية للجمهور بشكل مباشر كما ورد بالتوصية 3/2001 الصادرة عن مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي ضرورة إتاحة النصوص القانونية والتفسيرات القضائية الخاصة بها والسوابق القضائية والاستشارات والشروحات الخاصة بأحكام القضاء والفقه المعتبرة للكل عبر الإنترنت من خلال مواقع نظام التقاضي الإلكتروني دون رسوم أو بحساب التكلفة فقط لإعداد تلك البيانات ، كما بينت التوصية 11/95 الصادرة عن مجلس وزراء أوروبا بصدد اختيار ومعالجة وحفظ وإتاحة الأحكام القضائية ومعلومات القضايا والمتقاضين وجوب : وضع المبادئ العامة لإتاحة المعلومات القضائية في حسبان القائمين على تطوير النظام القضائي إلى التقاضي الإلكتروني حتى يتسنى للجميع الحصول على المعلومات التي يحتاجونها ، واتخاذ كل الخطوات المناسبة للتأكد من تنفيذ ذلك ، وكذلك اتخاذ كل الإجراءات المناسبة للتيقن من أن كل المستخدمين للنظام يمكنهم الولوج إليه والحصول على المعلومات الخاصة بالتقاضي أو المعلومات القانونية والاستشارات المتاحة على الموقع دون تكلفة إضافية وإنما بحساب تكلفة إنتاج المعلومات أو مجانا.
وفي ظل ما سبق ذكره من إتاحة المعلومات القضائية الخاصة بنظام التقاضي الإلكتروني للجميع وتيسير حصولهم عليها يثير اعتبار آخر وهو وضع البيانات الشخصية الخاصة بالمتقاضين والتي يتم ذكرها في ملفات القضايا بمناسبة نظر تلك القضايا والتي بموجب ضرورة إتاحة المعلومات الخاصة بنظام التقاضي الإلكتروني للجميع تكون مهددة بالإفشاء وإساءة الاستخدام مما يهدد الحق في الخصوصية بالانتهاك.
إن الالتزام بحماية المعلومات الخاصة والسرية المرتبطة بأطراف عملية التقاضي الإلكتروني هي أحد أهم الوسائل التي يمكن أن يتحقق بها تطوير الوصول الإلكتروني إلى المعلومات والملفات الخاصة بالتقاضي مع الحفاظ على الحق في الخصوصية للبيانات ذات الطابع الشخصي التي يتم وضعها في ملفات الدعاوى القضائية بمناسبة الفصل فيها وتصبح في متناول مستخدمي النظام القضائي الإلكتروني ومن ثم فإن التوفيق ما بين الاعتبارات الخاصة بإتاحة المعلومات كحق من الحقوق التي نصت عليها المواثيق الدولية والدساتير والقوانين المحلية وبين اعتبارات خصوصية البيانات الشخصية التي تتضمنها ملفات القضايا في نظام التقاضي الإلكتروني هي مسألة شديدة الأهمية والتعقيد نظرا لتعارض هذين الاعتبارين في متطلبات التطبيق وقد جرى تنظيم التقاضي الإلكتروني في الاتحاد الأوروبي على أنه لكي يمكن تحقيق الهدف من تطوير وتحديث الدخول إلى ملفات القضايا إلكترونيا والاطلاع على البيانات مع الحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية يجب أن يمنع تضمين أو تجزئة أو نسخ الملفات التي تحوي البيانات الشخصية للمتقاضين في القضايا إلا إذا كانت إضافة تلك البيانات مهمة لتكوين عقيدة القاضي في القضية وهناك بعض الضوابط بشأن البيانات التي تتم إضافتها في ملف القضية الإلكتروني وتتمثل في :
1- بيانات تحقيق الشخصية : فإذا كان الرقم القومي الخاص بأحد المتقاضين يجب أن يتم تضمينه في ملف الدعوى فإن ما تتم إضافته للملف هو آخر أربعة أرقام منه فقط دون باقي الرقم .
2- أسماء الأطفال الصغار : إذا كان وضع أسماء أطفال صغار متطلب في الدعوى فلا يجوز ذكر بيانات سوى منشأ الطفل واسم والدية فقط .
3- تاريخ الميلاد : عند تطلب وضع تاريخ المولد لأحد أطراف الدعوى القضائية فلا يجوز سوى ذكر سنة المولد فقط دون باقي البيانات سواء اليوم أو الشهر أو السنة أو محل المولد .
4- أرقام حسابات البنوك أو كروت الائتمان : يتم هنا أيضا ذكر آخر أربعة أرقام فقط من رقم الحساب أو الكارت .
5- محل الإقامة : يجب عدم ذكر أرقام المنازل أو أسماء الشوارع ويكتفي فقط باسم المدينة والدولة.
ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن مسئولية الإدارة والإفصاح عن البيانات يجب أن تكون موكولة إلى مجلس مخصص لهذا الأمر في المحكمة ويفضل أن يكون برئاسة رئيس المحكمة وأن يكون تحديد البيانات التي يتم وضعها في ملفات القضايا تحت إشرافه الشخصي مع لجنة متخصصة يتم تعيينها بمعرفته وعلى مسئوليته الشخصية ، كما يجب أن يتم إلزام المحامين بإعلام موكليهم بتلك الضوابط ومعايير أمن معلوماتهم الشخصية والتحذيرات الخاصة بذلك وماهية البيانات الشخصية التي يتم إدراجها في ملفات القضايا التي يتم إعدادها عند الإعداد للدعوى حتى لا تنتهك خصوصية بياناتهم الشخصية وخاصة عند إتاحة بيانات القضايا عبر موقع الإنترنت الخاص بالمحكمة ، كما أن البيانات التي يجب أن يتم إعلام المحامين وتدريبهم على كيفية تضمينها في ملفات الدعاوى وتلك التي يجب عدم تضمينها في ملفات الدعاوى إلا عند الضرورة وبضوابط معينة مثل الرقم التعريفي الشخصي كرخصة القيادة ، الرقم التأميني الصحي والمعلومات عن الحالة الصحية للمحامي وملفه الطبي مثلا ، تاريخه الوظيفي ، أرقام حسابات البنوك وكروت الائتمان ، المعلومات التجارية السرية وبيان الممتلكات الشخصية.
يضاف إلي ذلك ضرورة قيام المحامين بمشاركة تلك المعلومات مع موكليهم وعدم الإفصاح عن البيانات الشخصية الحساسة أو إتاحتها في ملفات القضايا وتوخي الحذر عند وضع تلك البيانات حال تطلبها لنظر الدعوى واتباع المعايير الخاصة بأمن تلك البيانات والسالف بيانها من أجل حماية خصوصية المعلومات الشخصية للمتقاضين ومحاميهم وضمان عدم إساءة استخدامها أو تعرضها للإفشاء، كما يجب على المستخدمين لنظام التقاضي الإلكتروني عدم التصريح بأي بيانات شخصية متضمنة في ملفات القضايا المحفوظة إلكترونيا على موقع المحكمة أو إتاحتها للاطلاع وذلك حتى لا تتم محاسبتهم تأديبيا أو جنائيا .
ومن الملاحظ مما سبق أن كل الضوابط قد تم وضعها من أجل حماية البيانات الشخصية إلا أن البيانات الخاصة بعملية التقاضي من قرارات المحاكم والسوابق القضائية وحيثيات الأحكام وغيرها من سجلات المحاكم والسجلات الجنائية والإجراءات الإدارية فإن متطلبات ومعايير تأمين تلك البيانات لا تتطلب السرية أو تطبيق الضوابط السالف بيانها عليها حيث يمكن إتاحتها للكل إلا إذا كانت متطلبات الدعوى تستوجب سرية كل إجراءاتها وهو ما يحدده القاضي أو إذا تم بيان ذلك عند بداية اتخاذ إجراءات تسجيل الدعوى .
ويرى البعض أن حفظ الوثائق التي تحوي البيانات الشخصية السرية وأرشفتها يجب أن يتم بطرق معينة منها على سبيل المثال:
1- حفظ نسخة إلكترونية مشفرة ومؤمنة باستخدام وسائل تأمين المعلومات والملفات الإلكترونية المختلفة .
2- حفظ الملف الخاص بالبيانات الشخصية للمتقاضين في الدعوى في قائمة مرجعية مشفرة ومؤمنة إلكترونيا وتتضمن معرف للبيانات كدليل أو فهرست متكامل يتم استخدامه في حفظ البيانات الشخصية للمتقاضين ، ومن الجدير بالذكر أن كل المراجع الخاصة بمحددات لضوابط الإفصاح عن البيانات والوثائق المتضمنة للبيانات الشخصية للمتقاضين ، كما أن القائمة المحتوية على تلك البيانات والمعلومات الشخصية يجب أن يتم حفظها في قاعدة بيانات المحاكم في شكل مشفر ومحمي كجزء من ملف الدعوى ويمكن لهيئة المحكمة التي تنظر الدعوى أن تحتفظ بتلك البيانات في شكل ورقي في السجل العام للقضية .
3- ويمكن التخلي عن اتباع معايير الحماية للبيانات والمعلومات الشخصية للمتقاضين وأطراف الدعوى الموجودة في ملفات الدعاوى بعد مرور وقت معين على حفظ تلك البيانات أو وضعها في أرشيف مؤمن في المحكمة العليا أو إعدام تلك البيانات عقب مرور فترة زمنية كافية تضمن عدم الحاجة إليها لأي إجراءات متصلة بالدعوى التي تم تقديم تلك البيانات بمناسبتها.
وعلى ذلك أرى أن معالجة مسألة التعارض بين الحق في الخصوصية للبيانات ذات الطابع الشخصي والتي يتم الإفصاح عنها من قبل المتقاضين ومحاميهم بمناسبة الدعاوى القضائية يتم من خلال تقييد الإفصاح عن البيانات الشخصية من الناحية التنظيمية بعدم إدراج البيانات كاملة في ملف الدعوى للحفاظ على الحق في خصوصية البيانات الشخصية للمتقاضين ومحاميهم بالإضافة إلى أنه عند استلزام وضع بيانات شخصية حساسة في ملف الدعوى أن تتم مراعاة معايير الأمن للمعلومات التي سلف بيانها وأن يكون التصريح بالبيانات تحت رقابة رئيس المحكمة وبإذنه في إطار القانون ومن ناحية أخرى أن يتم التصريح بالبيانات المتصلة بالقضايا ذاتها من حيث الأسانيد القانونية للأحكام والقرارات القضائية والمسائل التنظيمية والقانونية المتصلة بالقضية دون بيانات المتقاضين او محاميهم .

مشاركات القراء