المصري الذي أرسل سورة الفاتحة مع أول إنسان هبط على سطح القمر

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

المصري  الذي أرسل سورة الفاتحة مع أول إنسان هبط على سطح القمر

بقلم : د. غادة عامر

دائما كنت مقتنعة أن الأحلام تتحقق، وأن الحظ من صنع أيدينا، وأن كلمة ظروف نطلقها مبررا للكسل الذي يؤدي إلى الفشل، فأنا قد قررت منذ فترة أن أحذف كلمة الظروف من قاموسي اللغوي و لم أعد أذكرها، و ان ابحث دائما علي طريقة للوصول إلى هدفي، و قد جاء بطل قصتنا ليؤكد لي، أن النجاح أو الفشل هو نتاج أيدينا، وأن مهما كانت ما نسميها بالظروف، فهي أمر قابل للتطويع لتحقيق أحلامنا و لنجاحنا. قصتنا هي قصة حياة شخص مصري وضع اسمه واسم وطنه في السماء ، ولد في قرية طوخ الأقلام قرب المنصورة، والده كان فلاحا تحول إلى أستاذ أزهري بذكائه و بحبه للعلم و العمل ، وأمه كانت سيدة ريفية طيبة وذكية مثل كل أم مصرية عربية. أنها قصة نجاح العالم الجليل فاروق الباز.
كأي شاب كان للدكتور فاروق الباز حلم وهدف، كان حلمه هو أن يصبح طبيبا يتخصصا في جراحة المخ، فأخذ يسعى لتحقيق حلمه بكل جهده، فأخذ يشرّح الضفادع وهو لا يزال في المرحلة الثانوية ، و كان مدرس الأحياء يقول عنه دائما: "الولد ده سيصبح جراحا ماهرا يوما ما"، وتمر الأيام ويكبر الحلم. وعندما جاءت سنة الحسم - بالنسبة لكل المصريين - الثانوية العامة، ذاكر واجتهد جدا ليحقق حلمه، وبعد الانتهاء من الامتحانات انتظر على أحرّ من الجمر، إلى أن جاء يوم ظهور النتيجة، و كانت المفاجأه، الشاب الطموح إنه لن يدخل كلية الطب أبدا !
لم يجلس الشاب الطموح بائسا يندب حظه، و لم يلعن الظروف، بل قلب الصفحة وهو مقتنع أن هناك صفحات كثيرة ما زالت أمامه ، ونتيجة للتنسيق دخل قسما - كان غريبا في تلك الأيام - ( كيمياء – جيولوجيا ) ، في كلية العلوم جامعة عين شمس. لم يكره اختيار القدر، بل عمل علي الاجتهاد و التفوق، وفعلا نجح وتفوق وحصل على بكالوريوس ( كيمياء – جيولوجيا ) و كان من الأوائل على مستوى الجمهورية، لذلك تمَّ تعيينه في قسم الجيولوجيا في جامعة أسيوط، واستطاع هو و زملائة من تأسيس مركز جيولوجي مهم ،لأنهم جميعا كانوا مدفوعين بولاء كبير للعلم والجامعة والوطن، وهذه سمة من سمات هذا الجيل. لم يتوقف عند هذا الحد، بل أخذ يبحث في كل الطرق لكي يتميز في تخصصه حتي يستخدمه لخدمة ليس وطنه فقط بل البشرية، ونتيجة لبحثه تمَّ إختياره لبعثة علمية إلى الولايات للدراسة في مدرسة ميسوري للمناجم والمعادن .
وفي مدرسة ميسوري التي كانت تعتبر من أهم الجامعات في العالم في حقل الجيولوجيا، جاهد وثابر وتعلم، وتفوق إلى أن حصل على الدكتوراة في تخصص الجيولوجيا الاقتصادية ، وعاد إلى مصر بمشروع قومي كبير جدا، و كان طموحه هو تأسيس مدرسة مصرية في الجيولوجيا الاقتصادية لا مثيل لها في العالم . لكن كانت صدمته كبيره فلم ترفض الجامعة هذا المشروع - الذي كلفه الكثير جدا من الجهد و المال- فقط بل وأسندت له الحكومة وظيفة مدرس في الكيمياء في معهد عالي في السويس بعيدا تماما عن دراسته التي قضي فيها ثمانية أعوام!!!
حاول كثيرا أن يصل إلى تغيير وظيفته بما يتلاءم مع إختصاصه لكن كل محاولاته باءت بالفشل. لكنه لم يقبل أن يقتل حلمه، وظل عاما كاملا بلا عمل وبلا راتب، وقد وصلت به الأمور إلى أوضاع اقتصادية سيئة جدا. لكنه منذ نعومه أظفاره تعود أن يتخطى المصاعب لكي يصل إلى هدفه. وطريقة تعامله مع هذه المصاعب ـ كما رأينا - هي التي جعلته ناجحا، بل من أنجح الرجال في العالم اليوم. لذلك قرر العودة إلى الولايات المتحدة ليكمل مشواره وحلمه، بعد سنة من المعاناة .. هاجر الدكتور الباز إلى أمريكا، ولوصوله بعد بدء العام الدراسي فلم يستطيع الالتحاق بأي جامعة من الجامعات لكي يدرس فيها ، فأخذ يرسل طلبات التحاق إلى الشركات ولكن أيضا لم يوفق ، إلى أن وفق بقبول طلبة وتعيينه على مشروع في وكالة الفضاء الأمريكية وكان المشروع يتعلق بجيولوجيا القمر، ورغم أنه لم يكن حينها يعرف ماذا تعني "ناسا" ولا يفقه أي شيء بالقمر و لا بجيولوجيته (كما يقول هو نفسة). لكنه كان بحاجة ماسة للعمل لإعالة عائلته. و كانت طبيعة عمله في هذا المشروع، عبارة عن استلام تقارير من الجيولوجيين الكبار والقيام بتلخيصها ومن ثم إرسالها إليهم من جديد.
لكن لأنه أراد أن يتميز و يثبت نفسه عكف على دراسة ما يقرب من حوالى 4322 صورة خلال ثلاثة شهور كاملة ليعرف كل شيء عن القمر، و نتيجة لاجتهاده توصل إلى معلومات متميزة. حيث استطاع من خلال دراسته الذاتية، اكتشاف أن هناك ما يقارب 16 مكاناً يصلح الهبوط فيها فوق القمر ، و من هنا استطاع الباز أن يدخل تاريخ وكالة ناسا ، فأسندت له وكالة ناسا مهمتين رئيسيتين في أول رحلة للهبوط إلى سطح القمر، كانت المهمة الأولى هي اختيار مواقع الهبوط على سطح القمر ، أما الثانية فكانت تدريب رواد الفضاء على جيولوجيا القمر، وتميز جدا في هذه المهام إلى أن أصبح من أبرز علماء الجيولوجيا في وكالة ناسا، وبسبب نجاح دكتور فاروق في تدريب رواد الفضاء ، و تفانية في عمله مع اعتزازه بدينه و عروبته، أرسل نيل أرمستورنج - أول إنسان هبط على سطح القمر- له رسالة من الفضاء باللغة العربية شكرا وتقديرا له، ولقد أعطى الدكتور فاروق نيل أرمستورنج ورقة مكتوب عليها وموضوعه في حافظة بلاستيكية، و طلب منه اصطحابها معه إلى القمر، و كانت هذه الورقة مكتوب عليها سورة الفاتحة ودعاء من الدكتورفاروق البازبالنجاح للفرقة!!
و لاجتهاده وعلمه وعمله الدؤوب أسندت له مهام أكبر، علي سبيل المثال أصبح رئيس أبحاث تجارب المراقبات الأرضية في الرحلة الفضائية الشهيرة أبوللو- سويوز،كما اطلق ناسا مكوك إلى الفضاء اسمته مكوك : الباز Shuttlepod El-Baz"، حصل الدكتور فاروق على أكثر من 31 جائزة عالمية, تكريما لإنجازاته العلمية التي خدمت البشرية، كما أنه هو مؤسس مركز "دراسات الأرض والكواكب في المتحف الوطني للجو والفضاء بمعهد سميث سونيان بواشنطن"، وأنشأت الجمعية الجيولوجية الأمريكية, جائزة عالمية رفيعة المستوى, اسمها جائزة فاروق الباز لأبحاث الصحراء تُمنح لعلماء الجيولوجيا البارزين على مستوى العالم. ورغم تفوقه و رغم الأسى الذي وجده لم ينس مصر ووطنه العربي، و قام بعمل بحوث عديدة لصالح تنمية المنطقة وقد إكتشف كميات من المياه في سيناء وكميات أخرى كبيرة صالحة للاستخدام الزراعي في جنوب شرق مصر. كما قام بتطوير نظام الاستشعار عن بعد في اكتشاف بعض الآثار المصرية . وقدم دراسة علمية دقيقة لكيفية الإستفادة من الموارد الطبيعية لمصر، و دعا إلى أهمية دراسة المياه الجوفية، والتي يهدر منها الكثير في البحار والمحيطات دون استخدام، وطبَّق التكنولوجيا الفضائية لدراستها ودراسة مسارات البحيرات النابضة، وقد عمل على إنشاء مراكز تدرس التصوير الفضائي والاستشعار عن بُعد في كل من قطر، مصر، السعودية، والإمارات.كما أنه عمل دارسة مائية في سلطنة عمان و تنمية الموارد المائية في دولة الإمارات العربية المتحدة.
هذه هي الظروف التي نلعنها كانت السبب لأن يستطيع فاروق الباز المصري و العربي المسلم .. بل الإنسان، أن يغير وجه الارض وأن يفيد البشرية بعلمه، هذا العالم الذي فتح الله عليه طاقة النور، لتوكله على الله بعد أن حاول واجتهد، و لم ييئس أبدا.

مشاركات القراء