متخذ القرار الإنترنت الصناعية وقوة ال 1%

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

متخذ القرار  الإنترنت الصناعية وقوة ال 1%

بقلم / أشرف عثمان
بدأت الإنترنت في مناخ أكاديمي في ستينيات القرن الماضي بولادة شبكة ARPANET ثم باختراع بروتوكول TCP/IP والمبني على فكرة التواصل الشبكي الحِزَمي (أقرب ترجمه لـ Packet Switching) ثم اختراع Hypertext في التسعينيات , الأمر الذي فتح المجال لكتابة برامج التصفح مثل إنترنت إكسبلورر ونت سكيب وغيرها ... الخ.
السبب الذي دعاني لكتابة هذه المقدمة هو إظهار الدورة العلمية التي تبدأ بأفكار أكاديمية , ثم تتطور وتتلاقح مع أفكار أخرى لتكوّن منتجات تخلق مجالا جديدا لاستعمالات لم تكن في ذهن المخترع الأول. كذلك لأبين للقارئ المدة الزمنية المنقضية بين الاختراع وبين وصوله إلى أن يكون اتجاها سائدا يستخدمه الجميع.
بدأ استخدام الإنترنت كآلية للتواصل النصي بين الأفراد فيما كان يسمى IRC (Internet Relay Chat) , ثم جاءت تقنية نقل الملفات والبريد الإلكتروني (لبريد النصي في البداية ثم تعددت الوسائط فيما بعد لتصبح صورة ثم مقاطع فيديو وأوديو). كان التركيز هنا على التواصل الشخصي والعملي, إلى أن جاءت تقنية برامج التصفح , فأصبح من الممكن بناء صفحات تعبر عن صاحبها سواء كان شخصا أو شركة.
في الحقيقة أن الإنترنت تطورت في الاستعمال في البيئتين التجارية والاجتماعية بنفس القوة, إلى أن قامت ثورة التجارة الإلكترونية والشبكات الاجتماعية , التي غيرتا وجه العالم اقتصاديا واجتماعيا. يا ترى هل هذا هو كل ما تستطيع الإنترنت عمله لحياتنا ؟ أشك في ذلك.
هناك بحث لشركة جنرال إلكتريك GE بعنوان " الإنترنت الصناعية : الخروج من حدود العقل والآلات
Industrial Internet: Pushing the Boundaries of Minds and Machines والذي يمكنكم الحصول على نسخة منه من الرابط التالي http://www.ge.com/docs/chapters/Industrial_Internet.pdf
يتحدث هذا البحث عما يسمى الإنترنت الصناعية , لكونها الشيء الكبير القادم
والذي سيؤثر على العالم نفس التأثير الاقتصادي والاجتماعي الذي فعلته الإنترنت التجارية والاجتماعية؟
نسمع جميعا ثلاثة مصطلحات تتردد كثيرا وهي : إنترنت الأشياء Internet of Things , البيانات الكبيرة Big Data , وأخيرا التحليلية Analytics , والحقيقة أن المصطلحات الثلاثة مرتبطة ببعضها البعض وبنفس التتابع المذكور.
نبدأ بإنترنت الأشياء وهي توصيل كل الآلات بشبكة الإنترنت (مصاعد, محركات سيارات, مولدات قوه كهربائية, ومحركات طائرات وقطارات, الخ) وذلك بأن يصبح لكل آلة عنوان أو IP Address يمكن التواصل معها وإرسال أو سحب معلوماتٍ منها
نتيجة هذا، ستتراكم كمية هائلة من المعلومات ذات البنية المهيكلة وغير المهيكلة structured, unstructured وهذا أمر كنا قد شرحناه في مقال سابق,
وقلنا إن محرك بوينج 777 يمكنه بعث كمية من البيانات من أجزائه المختلفة من خلال 5000 مجس استشعار خلال الطيران تقدر بـ 10 جيجا بايت في الثانية لكل محرك (هذا هو الحد الأقصى نقاط جمع المعلومات حتى الآن).
نتيجة هذا الكم الهائل من المعلومات تصبح هناك حاجة لتحليل هذه البيانات عن المحرك واستخدامها في تعديل التصميمات لزيادة الوفرة في الوقود أو تقليل الانبعاث الكربوني أو الضوضاء... الخ . هذه البيانات تتم دراستها بأدوات تحليلية معقدة من خلال برمجيات تحول هذا الكم من البيانات إلى معلومات وهذا هو دور الـ Analytics.

من هذا المنطلق نعرف الإنترنت الصناعية بأنها:
" التواصل بين المكونات المعقدة للآلات , والآلات بعضها ببعض بطريقة متكاملة من خلال بروتوكول M2M (ماكينة بماكينة أخرى) , و يمكن من خلال هذا التواصل المتكامل وباستخدام برمجيات تحليلية إعطاء المنظومة القدرة على اتخاذ قرارات تشغيلية مستقلة".
دعونا نبدأ بحساب عدد الطائرات العاملة في العالم سنة 2011 وهي 21,500 طائره، بعدد 43,000 محرك نفاث. تقوم الطائرة في المتوسط بثلاث رحلات في اليوم أو ما يصل إلى 23 مليون رحلة في العام. يحتوى كل محرك على ثلاثة أجزاء: مروحة التوربو , التوربينة والضاغط الذي يضغط الوقود, ويحتوي المحرك على عدد 129,00 جزءا تتحرك وتدور وتتآكل وتتأثر قدرتها التشغيلية بعمرها التشغيلي والصيانة التي حدثت له ... الخ.
بتوصيل مجسات يصل عددها إلى 5,000 مجس في المحرك سنجد أن هناك إمكانية هائلة لتحسين أداء المحركات بناء على المعلومات التي يتم تحليلها. بل إن هناك بالفعل تحسنا في أداء بعض محركات GE باستخدام وسائل الإنترنت الصناعية .. وصل استهلاك المحرك من 5.2 لتر لكل 100 كم ليصبح 2ز7 لتر لكل 100 كم.
يتطرق البحث بعد ذلك إلى قيمة الأموال الممكن توفيرها في قطاع مثل الطيران في الاقتصاد العالمي لو تحسن أداء ماكيناته بنسبة 1% فقط . وينتقل البحث إلى قطاعات صناعية أخرى لنجد أن مقدار التوفير في النفقات بسبب تحسين الأداء الناتج عن استخدام الإنترنت الصناعية ولو بمقدار 1% في مدة مقدارها 15 عاما هو كما يلي:
قطاع الطيران سيتمكن من توفير 30 مليار دولار.
قطاع الطاقة الكهربائية سيتمكن من توفير 66 مليار دولار.
قطاع الرعاية الصحية سيتمكن من توفير 63 مليار دولار.
قطاع السكك الحديدية سيتمكن من توفير 27 مليار دولار.
قطاع البترول والغاز سيتمكن من توفير 90 مليار دولار.
الإجمالي هو 276 مليار دولار أو ربع تريليون دولار! تخيلوا لو أن مقدار التحسن في الأداء أصبح أكثر من 1%؟ لو أصبح 5% فإن التوفير الناتج سيصبح واحدا و ربع تريليون دولار!
هذا هو ما ستفعله الإنترنت الصناعية للاقتصاد العالمي, والذي سيشكل العالم الجديد الذي تتحدث فيه الأجهزة مع بعضها البعض وتقرر زيادة سرعة خطوط الإنتاج أو تقليلها بناء على معطيات تصدر من مجسات موجودة في كل مكان من حولنا.
المستقبل مليء بالمفاجآت يا سادة, ونحن لم نلمس إلا قشرة الإنترنت الخارجية فقط.
أشرف عثمان, القاهرة 2016

مشاركات القراء