من وإلى المجتمع

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

من وإلى المجتمع

بقلم : د . غادة عامر
إن إنتاج النماذج الأولي هو فن مهم جدا ، الهدف منه هو تحويل أي اقتراح إلى نموذج أول يستطيع أن يراه جميع أفراد المجتمع وأن يختبروه ، ويقيسوا مدى احتياجهم له ، فيطورونه و يحدثونه و ينتقدونه بحرية ، وعادة لا تكون تكاليف إعداده مرتفعة ، إن بداية تخليق النموذج الاول الذي يخرج من الابتكار المجتمعي ، يبدأ بطرح فكرة جديدة ، والتي تأتي من أي طرف من أطراف المجتمع ، يتم تداولها بين باقي أفراد المجتمع ، بكل هيئاته وانتماءاته ، ثم يعدل بناء على التغذية العكسية التي تأتي من المجتمع ، و من ثم ينطلق إلى النتيجة الفعالة.
فالنموذج المقترح في منظومة الابتكار المجتمعي ، لا يعرضه ولا يضغط به ولا يتبناه فرد أو حزب أو جماعة ، وإنما يتبناه المجتمع كله ، بل ويكون طبيعيا ، فقد وجد كثير من الباحثين أن التغيير عندما يفرض علي المجتمعات العربية عامة والمجتمع المصري خاصة ، فإنه إما أن يقوم المجتمع بلفظه ، أو أن يبقى لفترة لا تتجاوز الثلاث سنوات ، فيكون كبدعة أو "تقليعه" ثم تختفي ، فالمجتمع العربي بالرغم من كلما يحاول البعض أن يشيع عنه ، مجتمع ذكي ، و يمتلك أدوات لفظ كل ما لا يريده ولا ينفعه مهما طالت المدة ، فهو مجتمع يمتلك ديناميكيات دفاعية قوية ، و الدليل ما حدث في الربيع العربي .
وكنتيجة طبيعية عندما يسمح لكل المجتمع أن يشترك في عملية بناء و تطوير أي منظومة سوف تطبق عليه ، تكون نسبة رفضه لها، عندما تطرح بالشكل النهائي ، لا تتجاوز الـ 5% ، لأنها خرجت من رحم المجتمع ، من ثقافته واحتياجاته ، وتكون مطبقة لقيمه وعاداته وتقاليده ، وليست مفروضة عليه . و هذا سر نجاح منظومة الابتكار المجتمعي ، أنها من المجتمع الي المجتمع فهي تحتوي على الأدوات اللازمة للاستدامة ، فهي تنجح ويتقبلها المجتمع لأنها تحل المشاكل بموارد وجهود محلية ، لا تكون سابقة التجهيز ، كما أنه يخترق حدودية المخرجات ، فالابتكار المجتمعي كمنظومة يمتلك مقدرة النفاذ لكل المجتمع ، فهو يخترق حدودية النفع ، وأعتقد اننا في وطنا العربي في أمس الحاجة لمثل هذه الامور ، مشاركة المنفعة ، و بالتالي نشارك النفع في اي مخرج مع كل المجتمع ، فلا تكون المنفعة حكر علي حكومة ولا فئة ولا حزب ولا جماعه ، وإنما يعود نفع المخرجات لكل المجتمع دون تمييز.
و أيضا في منظومة الابتكار المجتمعي يتم معالجة كل شيء يمس المشكلة من بعيد أو قريب ، كما أنه لا يهتم بالنتيجة ويترك الإجراءات ، ففي هذه المنظومة ، الطريقة التي نصل بها إلى الحل ، لا تقل أهمية عن الحل نفسه ، كما أنه من مميزات منظومة الابتكار المجتمعي ، أنها لا تفترض أن معظم افراد المجتمع ليس لديهم خبرة أو معرفة ، وأن الذي يجب أن يشارك في وضع و تصميم النموذج الاولي لابد أن يكون خبيرا أجنبيا "الخواجة" الذي لا ينتمي لنا لا من بعيد أو قريب ، و يأتي هذا الخبير ليقترح علينا حلا مستوردا ، ويطلب من الجميع تطبيقه ، فيجد المجتمع نفسه لا يفهم لا المنظومة و لا طريقة عملها و لا سبب وجودها أساسا!
و لا تفترض هذه المنظومة أن الشباب ليسوا مبدعين ومبتكرين ، و لا أن المبتكر لا بد وأن يكون خريج مدارس أجنبية أو حاصلا علي تعليم عال ، فهناك روّاد أعمال غيّروا العالم بإبداعاتهم دون الحصول على شهادة جامعيّة ، وكاد العالم أن يكون رجعيًا وخاليًا من الإبداعات ، لولا مرور هؤلاء الرواد فيه. فهُم وخلال ذكائهم ، سطّروا التاريخ الحديث ، وجعلوا العالم يضج بالكثير من الامور المميزة ، التي يصعب حاليًا العيش من دونها. من أمثال بيل جيتس ، مؤسس شركة مايكر وسفت ، وهو من أثرى أثرياء العالم ، و ستيف جوبز ، مؤسس شركة أبل رئيس مجلس الادارة والرئيس التنفيذي للشركة . و مارك زوكربيرج ـ الرئيس التنفيذي لشركة فيس بوك، و غيرهم الكثير.
لذلك لا يجب علينا كمجتمع أو كأفراد أن نظل نرجع سبب تخلفنا عن الدول المتقدمة ، سوء التعليم في بلدنا ، نعم قد يكون أحد الأسباب ، لكنه ليس السبب الرئيسي ، إن السبب الرئيسي لعدم تقدمنا هو نقص ، أو بالأحرى شح ، الرواد أصحاب الرسالة الذين يؤمنون بضرورة امتلاك التكنولوجيا بنشر ثقافة البحث والتطوير الذي يؤدي إلي الابتكار ، كما أننا نعاني من نقص المواطنة و فقدان الإحساس بالمسئولية ، فهل نحن نحتاج الي فتح مدارس إضافية ، لكي نتقدم ؟، في حين أننا في عصر الشبكة العنكبوتبة يمكننا التعليم والتعلم عن بعد ، و هل نحن نحتاج أن نتبع المعايير العالمية ، في حين أن اليابان والصين وإندونيسيا والبرازيل وإسرائيل ، كلها دول متقدمة لم يتبعوا المعايير العالمية في التعليم بل ابتكروا معاييرهم الخاصة بهم ، إذ لا بد أن نعي كيف ومن أين نبدأ لكي ننهض بأمتنا ، إن الحل الوحيد لكي تنهض أمتنا ، هو أن يكون الحل من وإلي المجتمع.

مشاركات القراء