التحديات الأخلاقية للسيارات ذاتية القيادة

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

التحديات الأخلاقية للسيارات ذاتية القيادة

بقلم : أشرف عثمان
بداية يجب أن نتطرق إلى كلمة أخلاق ومقارنتها بكلمة خُلُق, أو بالإنجليزية Ethics versus Morals, فالأخلاقيات هي الالتزام بمعايير وُضعت عن طريق مصدر خارجي، أما الخُلُق فهو معايير ذاتية يضعها الشخص لذاته في التفريق بين الخطأ والصواب. تتكون هذه المعايير داخل الشخص نتيجة تربيته العائلية والدين الذي يتبعه والعرف السائد في مجتمعه. بالتالي قد يكون الشخص ملتزما بأخلاقيات العمل ولكنه ليس على درجة عالية من الخُلُق.
أخلاقيات العمل قد تكون اللائحة النظامية لمؤسسة ما أو لوحدة عسكرية أو لمجتمع سكني أو ناد رياضي.. الخ، فهذه اللوائح هي التي تضع ما يعد خطأً أو صواباً لمعيشة وعمل الناس في هذه الوحدات الاجتماعية. لنأخذ مثالا بسيطا على ذلك، وهو ارتداء الطربوش في مصر في أوائل القرن العشرين, فقد كان عدم ارتدائه يعد خطأً اجتماعياً غير مقبول, و يعد من لا يرتديه مخالفا لأخلاقيات المجتمع السائدة وقتذاك, لكن بعد عشرات السنين نسي الناس الطربوش تماما. في الوقت ذاته كان التلصص على الجيران في أوائل القرن العشرين أمرا منافياً للأخلاق، وما زال حتى الآن رغم مرور السنين وتغير المجتمعات.
الآن دعونا نعود إلى موضوع المقال، وهو التحديات الأخلاقية للسيارات ذاتية القيادة. قبل أن نبدأ البحث دعونا نتعرف إلى عملية قيادة السيارة. تشمل عملية القيادة العناصر التاليه:
مركبة متحركة
سائق
راكب
طريق
عوامل خارجية مثل الطقس وتأثيره على الطريق وعلى المركبة
البيئة التي يمر فيها الطريق (مدينة، قرية، طرق سريعة، الخ)
نظرا لأن سياق المقال هو العالم الرقمي, فنحن نفترض أن القيادة الذاتية ستتضمن في المقام الأول برمجيات مكتوبة لحاسب آلي في السيارة تسيطر به على حركتها أو توقفها وذلك من خلال قرارات يتخذها الحاسب من خلال مجسات استشعار متعددة الأشكال تغذي الحاسب , وأخرى تنقل قراراته من الصورة الرقمية إلى الحركة الميكانيكية.
كذلك دعونا نتأمل في جمهور السيارات ذاتية القيادة والذي يشمل :
من هم تحت سن القيادة.
من يعانون من تحديات حركية أو بصرية.
كبار السن والحوامل.
المستخدمون العاديون ممن يريدون التمتع بركوب السيارة دون قيادتها.
لنستعرض الآن عناصر منظومة القيادة الست التي ذكرناها سابقا:
المركبة: رغم أنها تبدو كأنها محور الحديث والجزء الأهم فيها, إلا أنها في الواقع أبسط جزء. فصانعو السيارات لديهم معرفة تقنية كافية لإنتاج مركبة تتحرك ذاتيا دون وجود سائق بشري. يتم هذا بتوصيل نظام ميكانيكي بمقود السيارة والمكابح أو الفرامل وصندوق التروس ودواسات الوقود.
السائق: هذا هو الجزء الأهم لأنه سيستبدل ببرمجيات تتولى القيادة عن طريق تحليل المعطيات واتخاذ القرارات ونقلها إلى آليات القيادة السابق ذكرها.
ونظرا لأننا نتحدث عن برمجيات, فيجب أن نذكر أن شركة بوينج صرحت بأن نصف تكلفة تطوير الطائرات الجديدة في الشركة ينفق في اختبار البرمجيات SW , فالبرمجيات مهما كانت ذكية تكون معرضة لحدوث أعطال منطقية تشمل صحة وجودة أداء البرنامج من ناحية , وتشمل كذلك أعطال انقطاع الخدمة نتيجة لحالات التوقف الذي نسميه بـ Freeze, Crash
الراكب: هو العنصر الأساسي الذي تدور حوله هذه المبادرة المهمة, فسلامة الراكب هي الأساس. بالتالي يجب معرفة عدد وطبيعة الركاب، لتحديد نمط القيادة الذي يناسب الركاب (أطفال, رضع, كبار السن, الحوامل, الخ).

الطريق: هو أيضا عنصر مهم ومكلف في الحقيقة, فالطرق الحالية لا تسمح بالقيادة الذاتية, بل إنه سيتحتم وجود نقاط ذكية طوال الطريق توفر المعلومات للسيارات عن حالة الطريق المرورية والطقسية (وجود ضباب, ثلج, مياه, مواد زيتية... الخ).
عوامل خارجية: سبق ذكرها في النقطة السابقة وتأثيرها على قرارات القيادة الذاتية
البيئة التي تمر بها الطرق: لها تأثير أساسي في قرارات القيادة، فوسط المدينة يختلف عن الطرق السريعة و عن القرى.
يبقى أمر أخير وهو الأمر الأخلاقي الذي بدأنا به الحديث, ولنفهم ذلك دعونا نتخيل أن هناك طفلا ظهر أمام السيارة فجأةً ولا مفر من تجاوزه وعدم صدمه إلا بالاصطدام بشجرة في الجانب الآخر من الطريق. ما هو القرار الذي يجب أن يتخذه السائق الآلي؟
يصطدم بالطفل (لأنه سيكون قد حافظ على حياة الركاب)؟
أم سيصطدم بالشجرة (ليحافظ على حياة الطفل ويعتمد على آليات السلامة من أحزمة
ووسائد هوائيه).
ماذا لو كان أحد الركاب امرأة حامل؟
لنتخيل سيناريو آخر: لو تدحرجت كرة أمام السيارة, هل يجب أن يتوقع السائق الآلي أن طفلاً قد يتبع الكرة إلى نهر الطريق وبالتالي يجب معاملة الكرة نفس معاملة الطفل؟
السيناريو الأخير: لو أن هناك راكبا واحدا في السيارة, وأثناء القيادة وجدت السيارة أن هناك مجموعة من المارة يعبرون الطريق ولا حل لتفاديهم إلا بالاصطدام بشجرة على الجانب الآخر. هل يطبق القائد الآلي قاعدة الـ Greater Good ويضحي بالراكب (شخص واحد) لينقذ حياة عدد كبير من الأشخاص؟
كل هذا لا يشمل الانعكاسات الاجتماعية التي سيترتب عليها نتائج مالية، فجزء كبير من تكلفة شركات سيارات الأجرة يذهب إلى دفع مرتبات السائقين. فحسب دراسة قامت بها جامعة كولومبيا الأمريكية وجدت أن 9000 سيارة ذاتية القيادة ستحل محل 13000 سائق تاكسي ! أين سيذهبون ؟ ولا عجب أن تجد أن شركة أوبر مهتمة جدا بموضوع السيارات ذاتية القيادة.
.أضف إلى هذا البعد التأميني, فالسيارات ذاتية القياده سينتفي فيها العامل البشري وبالتالي ستقل تكلفة التأمين بسبب قلة تكلفة الحوادث وتكلفة الإصلاح, فما الذي سيعوض شركات التأمين عن هذه الخسائر؟
إذا تركنا سيارات الركاب وفكرنا في سيارات النقل, سنجد الأمر أشد تعقيدا, فإحدى شركات المناجم العملاقة (ريو تينتو) بدأت بالفعل في تسيير 53 سيارة نقل ذاتية القيادة داخل ثلاثة من مواقعها, الأمر الذي يختلف عن سيارات الركاب لخصوصية مواقع التعدين وبالتالي ساهم في نجاح هذه المبادرة. ما أهمية هذا ؟ أهميته هي أن بلدا مثل أمريكا يعمل فيها 3,5 مليون سائق نقل , ويعتمد على تحركاتهم أعمال أخرى مثل المطاعم والموتيلات على الطرق السريعة. كل هذه الأعمال ستتأثر بموضوع القيادة الذاتية.
كما ترون, موضوع السيارات ذاتية القيادة مليء بالعديد من التساؤلات ويحتاج إلى الكثير من العمل. لكنه قادم لا محالة, ولن يكون بالكيفية التي ترددها شركات السيارات وشركات التقنية. فكلاهما صاحب مصلحة في زيادة مبيعاتهم, لكن الأمر ليس بالسهل وأمامه تحديات عديدة, أقلها أهمية هو التحديات التكنولوجية التي تجعلها شركات السيارات والتقنيه تبدو أهم ما في الموضوع.

مشاركات القراء