هل سيؤدي العالم الرقمي إلى إنصاف المرأة؟

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

هل سيؤدي العالم الرقمي إلى إنصاف المرأة؟

قامت جامعة إكسفورد بدراسة على 702 وظيفة وخلصت إلى أن 47% من هذه الوظائف في أمريكا ستتم ميكنتها خلال العقدين القادمين، وحتى تكون العبارة مكتملة الأركان فسنستخدم اصطلاحا جديدا اسمه الوكيل الرقمي Digital Agent سيشمل هذا المصطلح نطاقا أكثر عمومية من مجرد (الحاسب والروبوت)، فكل جهاز أو برنامج أو ملبوس رقمي يمكنه أداء وظيفة معينة سيعد وكيلا رقميا يمكن به الاستغناء عن عنصر بشري. نفس الشيء قامت به مجموعة Boston Consulting Group وخلصت إلى أن 25% من الوظائف الأمريكية ستستبدل ببرمجيات ذكيه وروبوتات.
هل سيستطيع الجنس البشري منافسة الأجهزة الرقمية الذكية التي تظهر يوما بعد يوم؟ الإجابة بدأت يوم أن هزم جهاز IBM المسمى واطسون, الفائز والبطل الأول في لعبة Jeopardy الشهيرة. لمن لا يعرف اللعبة، فهي مجموعة من الأسئلة الصعبة في مواضيع واهتمامات شتى يجب الإجابة عنها في وقت قصير، بل إن المتنافسين يتبارون في سرعة الإجابة عن طريق الضغط على جهاز يحملونه يبين من الأسرع في الإجابة.
السرعة في الوصول للمعلومات وسرعة تحليلها وربط المعلومات ببعضها البعض هما الفاصل فيمن سيربح اللعبة، والواضح أن واطسون بألكترونياته وبرمجته الفائقة استطاع إزاحة الفائز الأول الذي تعدت أرباحه من اللعبة المليون دولار.
إذن ما المجال الذي نتفوق نحن البشر فيه ويصعب على الوكلاء الرقميين القيام به؟ لحسن الحظ هناك سلاح سري ما زال في أيدينا، وهو ما يطلق عليه الذكاء العاطفي أو Emotional Intelligence الذي يشمل مهارات اجتماعية متعددة مثل :
التعاطف
التفاوض
التأثير في الآخرين.
ترتيب الأولويات في حالات معينة تقتضي التفهم الإنساني.
تستمر الدراسات في مجال التوظيف لتثبت أن الوظائف التي يزداد الطلب عليها منذ عام 1980 حتى الآن هي الوظائف التي تحتاج إلى كفاءة اجتماعية Social Aptitude، في الوقت ذاته تستمر وظائف مثل برمجة وعلوم الحاسبات في النمو ولكن بوتيرة متباطئة، بل و يتوقع الخبراء أن التقدم التكنولوجي في هذا المجال سيؤدي إلى تباطؤ في نمو هذه الوظائف.
إذن يبدو أن الوظائف التي سيستمر الطلب عليها وسيرتفع مقابلها المادي هي الوظائف التي تجمع بين المهارات المعرفية والإدراكية في مجالات الأعمال وبين المهارات الناعمة أو الداعمة Soft Skills والتي تحتاج إلى كفاءة اجتماعية كما ذكرنا سالفا.
في ضوء هذا الكلام سنجد أن مهارات مثل التحليل الرقمي، العلوم الكيماوية، التحليل المالي في البورصة والعديد من الصناعات ستستمر في إحلال وكلاء رقميين بمختلف الأشكال مكان البشر، بينما لا يمكن إحلال وكيل رقمي مكان ممرضة أو طبيب، والسبب بالطبع هو التفاعل الإنساني والبشري الذي لا تقوم به الآلات الرقمية حتى الآن.
إن كان عملك يقتضي التعامل مع بشر طوال أو معظم الوقت وإن كنت تؤدي ذلك باحترافيه وتحسن من أدائك طوال الوقت، فأنت في أمان من الإحلال واستبدال وظيفتك بوكيل رقمي، فالوكلاء الرقميون مهما كانت مهاراتهم التحليلية والعضلية لا يستطيعون:
تفهم ما يشعر به طالب الخدمة.
وضع أنفسهم مكانه والحكم على ما يجب فعله، حتى لو كان خارج نطاق الصلاحيات الممنوحة.
فهم نقاط القوة في الطرف المقابل والبناء على هذا الفهم.
التعامل مع الجانب العاطفي لطالب الخدمة.
إظهار التعاطف بطريقة إنسانية وبشرية.
امتلاك مهارات متنوعة مثل (لغات، مواهب ومعارف معينة، الخ)
السؤال الآن هو ما دور المرأة في هذا الحديث؟ ولماذا نتساءل عن إنصافها في مكان العمل؟ للإجابة عن هذا السؤال يجب الاعتراف بأن المرأة يمارس ضدها التمييز في أماكن العمل المختلفة، فتارة هي لا تصلح لبعض الأعمال التي تحتاج لمجهود عضلي مثل قيادة الشاحنات الثقيلة، مجال البناء , المصانع التي تستخدم المعدات, الخ., وتارة أخرى هي مخلوق عاطفي يجب الحذر عند إسناد العمل إليه, أو الأدهى هو اعتبار النساء ناقصات عقل ودين في بعض الثقافات.
كل هذا التمييز الذي عايشته المرأة سيذهب أدراج الرياح عندما يظهر الوكلاء الرقميون في المصانع متمثلين في صورة روبوتات ذكية (لا تدخن ولا تضرب عن العمل) لتحل محل أصحاب العضلات من الرجال. كذلك ستظهر السيارات المستقلة التي يقودها وكيل رقمي والدرونز Drones التي ستقوم بتوصيل المشتريات لأصحابها ... الخ.
في الوقت ذاته لن يستطيع وكيل رقمي أن يحل محل ممرضات أو مدرسات أو ممثلات خدمة عملاء أو محترفات البيع والتسويق في آلاف المجالات التي تحتاج تواصل بشري. السبب هو تفوق المرأة الواضح على الرجل في الكفاءة الاجتماعية، فالله سبحانه وتعالى أنعم على المرأة بالقدرة على العمل في ظروف وأحوال تتسم بالفوضى وعدم الترتيب دون أي مشقة تذكر.
أي سيدة تستطيع في - نفس الوقت - أن تتكلم مع الأبناء العائدين من المدرسة بينما تشرف على تحضير الغذاء وترد على زوجها، في نفس الوقت الذي تفكر فيه في اتصال عملي مهم يجب أن تقوم به وترتب لشراء هدية مناسبة لوالدتها... الخ ، لتقوم بهذا يجب أن تكون لها مهارات لا يمتلكها أي رجل، فالعقل الأنثوي يختزن رصيدا معرفيا هائلا يؤدي إلى تميز المرأة في الكفاءات الاجتماعية، مما يجعلها متفوقة في المهارات الناعمة والداعمة Soft Skills و التي تجتمع كلها تحت ما يسمى الذكاء العاطفي.
الخلاصة هي أنه بعد آلاف السنين من التمييز ضد المرأة في مكان العمل بسبب "ظروفها الخاصة"، فإننا سنشهد عصرا رقميا يجعل من تلك الظروف الخاصة ميزة ورصيدا في غاية الأهمية في العصر الوظيفي القادم. والسبب هو العالم الرقمي الذي أعاد ترتيب الأوراق والعقول وسيستمر في ذلك طالما استمرت البشرية في التقدم.

مشاركات القراء