 الريادة في الأعمال من الصناعة للمجتمع.(14) _مفاهيم غائبة أو خاطئة (1/3)

 بقلم : د. أحمد الحفناوي

إن العالم الذي نعيش فيه ينتقل بقوة إلى عالم رقمي إلى عالم معرفي , وهذا العالم له مفاهيم وآليات مختلفة عن تلك السائدة في مجتمعنا والتي تنص عليها قوانين. وبدون أن ندرك هذه الفروقات الجوهرية فسنظل نتحدث لغة غير مفهومة وبالتالي سيكون تأثيرها محدودا. وبالتالي سأحاول أن أبين في هذا المقال أهم المفاهيم الغائبة قبل أن نستأنف الحديث عن القطاعات المختلفة والتي بدأناها بالحديث عن الصحة والتعليم وقطعناها بالحديث عن دور السياسات في صنع القرار في آخر مقالين.
هناك العديد من المفاهيم تحتاج إلى بناء أو إعادة تعريف بشكل جوهري. ومن وجهة نظري هناك عشرة مفاهيم غائبة أو خاطئة , ولها تأثير هائل على مجتمعنا. هذه المفاهيم هي الأمن القومي – الطبقية – الشفافية – المساءلة – الكفاءة – الإنتاجية – الفاعلية – الاحترام – العدل - المنهجية. هذه المفاهيم سننظر إليها بشكل منظومي بحيث نفرق بين كل منها هل هي قيمة أم غاية أم آلية ؟ القيم هي تلك المبادئ التي نؤمن بها وتعد المعايير الأخلاقية للفرد أو المجتمع وهي طبعا غير الغايات .. فالغايات هي الأهداف السامية التي نسعى إلى تحقيقها بينما الآليات هي الوسائل التي نستخدمها لتحقيق الغايات والأهداف. واذا لم نحدد طبيعة تلك المفاهيم مثل العدل أو الأمن القومي أو غيرها إذا كانت قيما أو غايات أو آليات فنحن من المؤكد سنكون تائهين وعاجزين.
تلعب تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات دورا حيويا في تلك المفاهيم العشر وذلك حيث إنها كما أوضحنا تمثل الجهاز العصبي للمؤسسة أو المجتمع في عصرنا الحديث.
فلنبدأ بأصعبها وهو الأمن القومي. في تقديري أن الأمن القومي هو غاية نسعى لتحقيقها , ويتطلب تحقيقها توفر العديد من القيم والآليات. فمثلا حجب المعلومات له مكاسب وله خسائر وهكذا التنصت له تكلفة وله مكاسب وله خسائر وهكذا. إن من يحدد الأمر يجب أن يكون مدركا كل العواقب على المستوى القومي أي ما يمس كل أفراد المجتمع , وليس فئة محدودة وبالتالي يتم وضع الإطار القانوني له ويطبق بفاعلية وبعد أن يتفق المجتمع عليه وإلا سنخسر جميعا . والأمن القومي مرتبط في رأيي بتحديد مصدر التهديد وتأثير استخدام آليات المنع أو المراقبة على المجتمع. والبعد الاقتصادي والاجتماعي على الأمن القومي من أهم الأبعاد التي يجب أن تراعى لتحقيق هذه الغاية.
إن وضع الإطار الفكري والعملي بشكل قانوني لمفهوم الأمن القومي يجب أن يشارك فيه كل المعنيين بالشأن وليس "الأمنيين" فقط وإلا سيكون مفهوما قاصرا. ويجب أن يرتبط ذلك بالإطار الحاكم الذي حددناه مسبقا لضمان النجاح المؤسسي والمجتمعي وهو الفصل بين المفكر والمنفذ والمنظم.
و نستكمل تعرضنا لبقية المفاهيم الحاكمة والمؤثرة في مقالنا القادم.
Dr.elhefnawy@gmail.com