لماذا يجب أن نهتم بصناعة تقنية المعلومات ؟

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

 لماذا يجب أن نهتم بصناعة تقنية المعلومات ؟

بقلم : أشرف عثمان
كنت محظوظا يوم اتخذت قرارا بالالتحاق بقسم الحاسب الآلي في كلية هندسة الإسكندرية سنة 1972, يوم أن كان جهاز الكمبيوتر IBM 1620 بسعة ذاكرة 16 كيلو بايت، وكانت غرفة الحاسب محاطة بجو غامض مهيب. والحقيقة أنني لم أختر هذا القسم, ولكنني كنت أنوي الالتحاق بقسم عمارة لأسباب فنية إبداعية, ولكن أحد أقربائي من مهندسي الكهرباء أخافني من الفكرة بسبب الكساد الذي ساد البلاد بعد هزيمة 1967 وركود السوق.
لذلك السبب، وبعد لفة طويلة بين أقسام الكلية, انتهى المطاف بي إلى قسم الحاسبات الذي كان فكرة الدكتور نعيم أبو طالب ـ رحمة الله عليه.
الآن بعد ثلاثين عاما من العمل كمهندس صيانة، ثم مهندس أنظمة .. وأخيرا بائع لحلول تقنية المعلومات, أنظر إلى العالم من حولي وأتساءل عن ماهيته لو لم تحدث الثورة المعلوماتية؛ التي نعيش فيها و بها.
لاشك أننا ننعم بمزايا علمية ومعيشية وصناعية لم نكن نحلم بها عندما دخلت المعلوماتية إلى حياتنا حتى بتنا لا نستطيع مغادرة منازلنا دون هواتفنا المحمولة, ولكن ما الذي يميز صناعة تقنية المعلومات عن أي صناعة أخرى؟
هناك جوانب متعددة للموضوع, ولكن لضيق المساحة سأذكر خاصيتين تتميز بهما صناعة المعلومات عن غيرها:
الخاصية الأولى :
صناعة المعلومات من الصناعات سريعة التطور, والتطور فيها يُحدث ما يسمى بالتقنيات المُعَطّلة Disruptive Technologies بطريقة أكثر من غيرها من الصناعات. خذ مثالا صناعة الأقراص الصلبة, أو المُعالِجات الداخلية Processors.
رأينا نمطا شيقا في هذه الصناعات, حيث تجيء تقنية جديدة تؤدي إلى " إزاحة" التقنية القديمة من الصورة تماما, بل وتهز الصناعة والأسواق من جذورها
هذا لا يعني أن الصناعات الأخرى ليست بها تقنيات مُعَطّلة, فمثلا في صناعة الأوناش حدثت هذه الظاهرة عند الانتقال من استخدام السلاسل والبكرات إلى الرفع الهيدروليكي, أو ما يحدث الآن في صناعة السيارات، والانتقال من محركات الاحتراق الداخلي إلى المحركات الكهربائية.
تسير معظم الصناعات بوتيرة أبطأ من صناعة تقنية المعلومات التي نلمس فيها ظاهرة التقنيات المُعَطّلة طوال الوقت , و فيما يلي أمثلة حدثت وأخرى ستحدث:
الانتقال من اللمبات الإلكترونية إلى الترانزستور
الانتقال من اللمبات الكهربائية العادية إلى تقنية الـ LED
التليفزيونات ذات الشاشات المسطحة LCD, LED
ذاكرة الفلاش (كانت بعض الشركات مثل , IBM Hitachiتحاول صناعة قرص صلب محمول لتوصيله من خلال PCMIA ولكنها توقفت تماما بسبب الفلاش).
أقراص SSD التخزينية
الطباعة ثلاثية الأبعاد
الشبكات الاجتماعية
عرض الأفلام بتقنية Streaming مثل نتفليكس وأمازون برايم
الأمثلة متعددة وتطرح تقنيات تؤثر تأثيرا جذريا ومُعَطِّلاً للصناعة بين ليلة
وضحاها , ويصبح الرواد في خبر كان, و يظهر رواد آخرون وصناعات جديدة تترجم إلى فرص عمل وحركة بيع وشراء واستهلاك , وبالتالي تغييرات اجتماعية واقتصادية.
الخاصية الثانية
الخاصية الثانية هي فيما يسمى بالإنجليزية الـ Scalability أو التصاعدية , وهو مفهوم يربط بين قيمة العائد على الاستثمار مقابل التكلفة التي تنفق على الإنتاج. نعلم جميعا أن الربح هو الفرق بين سعر البيع والتكلفة, بالتالي لو أن لديك مصنعا لإنتاج السيارات مثلا, فإن ربحيتك ستكون مرتبطة بخطوط الإنتاج
وبتكلفة المواد وأجور العمال ... الخ.
لتتوسع في مصنعك الذي نفترض أنه يحقق 100 مليون دولار من إيرادات البيع ويحقق ربحا قيمته 15 مليونا مثلا, فيتعين عليك أن تزيد الطاقة الإنتاجية وذلك بشراء معدات جديدة, وتعيين عمال جدد وزيادة سعة مخازن المواد الخام ... الخ. بالتالي فسيقابل زيادة الإيرادات, زيادة أخرى في المصروفات ستؤدي إلى وضع سقف متوقع ومفهوم على التحسن في الإيرادات أو الأرباح.
الأمر مختلف في صناعة تقنية المعلومات, فتكاليف إنتاج برنامج مثلا هي تكاليف ثابتة, أنفقها أثناء كتابته وتطويره (محللون ومبرمجون, ومصممو جرافيك ... الخ) وانتهى بك الأمر إلى وضعه على الإنترنت في APP stores , أو في موقعك الخاص.
عندما تبدأ عملية شراء المنتج لا يمكن التكهن بأرباحها , فقد يباع منها نسخة أو عشرة ملايين نسخة, وفي كلتا الحالتين لا توجد مصروفات مرتبطة مباشرة بعدد النسخ المباعة. نفس الشيء يحدث عندما تشتري خدمة برامج بطريقة الاشتراك الشهري. تكون هناك علاقة بين تكلفة الإنتاج والإيراد إلى حين الوصول إلى ما يسمى Payback Period أو فترة استرداد التكلفة. بعد ذلك ستتوالى عليك الأرباح دون أي تكلفة إضافية عليك. كذلك تكاليف الصيانة التي تدفعها لشركة أوراكل أو ميكروسوفت, فأنت تدفع حق استخدام البرنامج كما هو دون أي تغيير, ولا يتكلفون هم تكلفة إضافية عندما يجددون لك رخصة الصيانة كما يسمونها.
بالطبع تتكلف بعض الشركات إدخال تعديلات تطويرية بسيطة وتسمح فقط لمن لديهم رخصة استعمال بتنزيلها على أجهزتهم, لكن يظل النموذج العملي مربحا جدا و لا يمكن التكهن به , على عكس الصناعات التقليدية الأخرى.
هذا هو ما يميز صناعة تقنية المعلومات عن غيرها ويجعل منها ضالة اقتصادية منشودة تبحث عنها جميع البلاد لتؤسس"الاقتصاد المعرفي" والذي يسميه البعض الاقتصاد الرقمي وتجني من ورائه الأرباح الوفيرة.
قبل أن أختم كلامي أود التنويه أن الفائدة في هذه الحالة تعود على من يبتكر ويبدع ويخلق منتجات ، وخدمات لم تكن موجودة من قبل, وليس من يشتري التقنية لإعادة بيعها, فهذه تجارة عفا عليها الزمن في العالم الرقمي, والغلبة فقط لأصحاب الأفكار الجديدة, جعلنا الله وإياكم ممن يبتكرون ويبدعون.

مشاركات القراء