 الريادة في الأعمال من الصناعة للمجتمع.(2)

 بقلم : د. أحمد الحفناوي

أوضحت في مقالي السابق أن مفهوم ريادة الأعمال في المجتمع المصري والموجه بشكل رئيسي للأعمال التجارية، والتصنيعية، والخدمية أو ما نطلق عليه إجمالا أعمال صناعية Industrial Business قد أثمر عن نتائج محدودة حيث إن توافر البيئة المناسبة لأي ريادة يجب أن يبدأ بالأعمال الفكرية، والتنظيمية، والاجتماعية. وكذلك أشرت إيجازا لأهمية البناء المؤسسي، وكيف نحقق ريادة حقيقية بدلا من الجري وراء السحاب بأحلام وأفكار مستوردة لا تتوافر لها في مجتمعنا الأسس اللازمة، وتعجز عن تحقيق تنمية تؤثر في حياتنا بشكل جذري.
فلنبدأ في هذه الأسطر بالحديث عن العمل المؤسسي ثم ننتقل للأطر المختلفة المطلوبة لبناء مؤسسات ريادية في الأعمال الفكرية والتنظيمية والاجتماعية.
ظننت طويلا أن عملية بناء مؤسسة تتطلب وجود فكرة جيدة .. لها صاحب يقوم بوضع خطة استراتيجية بعد دراسة السوق، ويقوم بجمع رأس المال المطلوب، وبناء الهيكل التنظيمي، واختيار المقر المناسب ثم العاملين المناسبين. وهذا كاف لتحقيق النجاح وبناء المؤسسة وهذا الأمر هو السائد ويبدو لا غبار عليه. حقيقة هذا الظن يتنافي مع ما تعلمت وأول الظنون التى تعلمت أنها تحتاج لمراجعة أن المؤسسة يجب أن يكون لها 3 مؤسسين على الأقل بخبرات مختلفة: فنية، ومالية، وتسويقية. وأن يكون هناك اتفاق بينهم على الاطار المؤسسي وسلسلة العمليات التي سيتبعها العمل في المؤسسة. ونفرق هنا بين سلسلة العمليات والهيكل التنظيمي، أو الوظائف. فالهيكل التنظيمي هو إطار استاتيكي متجمد بينما العمل التطبيقي يتطلب كفاءة، وفعالية، وحركة أفقية بشكل رئيسي، وبناء عليه فأنصح بأن يتم استخدام إطار Process Classification Framework ـ (إطار تصنيف العمليات( والمتوافر مجانا من موقع المركز الأمريكي للجودة والإنتاجية APQC . هذا الإطار هو أساس جيد لتنظيم العمل المؤسسي ويشمل مؤشرات الأداء والمخرجات، والمرجعية المقارنة . وبعد الاتفاق على المؤسسين ومنظومة العمليات التى تشمل أيضا التخطيط الاستراتيجي وغيرها يتم الانطلاق لبقية المكونات مع ضرورة العمل بشكل ديناميكي والمراجعة الدورية لخطط التنفيذ لضمان أن تكون المؤسسة قادرة على مواجهة التحديات العديدة وأن تتعامل مع المتغيرات والخبرات المتراكمة سواء محليا أو إقليميا أو عالميا.
سنعرض في مقالاتنا اللاحقة المجالات من خلال بناء تدريجي، ونبدأ بالأعمال الفكرية .. فإلى لقاء قريب عزيزي القارئ.
Dr.elhefnawy@gmail.com