حونا الصابي

بقلم : د. ناصر فؤاد
دق جرس الباب، وما أن فتحت حتى وجدت ناجح البواب، الذي بادرني "السلام عليكم يا باشا ، حسونة جه تحت ومعاه شيَل كتير ،بس هو دخل لا مؤاخذة دورة الميه قبل ما يطلع لسيادتك"
العبد لله : طيب انزل ساعده إذا كان معاه شيَل كتير ، انت عارف صحته على قده.
ناجح : صحته بس يا باشا ده كمان تفكيره وحركاته كأنه عنده يادوب 12 أو 13 سنة ، هو صحيح زي ما حضرتك بتقول أخوك.
العبد لله : وانت مالك يا حشري ، أخويا ولا مش أخويا، المهم تعاملوه أحسن من أحسن حد بيجيلي ، هو متربي معانا في البيت ، ووالدته اتربت في بيت جدي وجدتي لأمي الله يرحمهم.
ناجح : بس سيادتك هو تفكيره على قده ، وأكيد علشان كده حضرتك بتاخده على قد عقله ، وبتقول لنا إنه أخوك ، وله اسم دلع عجيب ، هو إيه حكاية حسونة ده.
العبد لله : حكايته إنك فضولي ومش حتسيبني إلا لما تعرف ، شوف يا ناجح والدته جت مصر وهي عندها 6 سنين مع بنت عمدة بلدهم ، وسكنوا في البيت اللي قدام بيت جدي ، الله يرحمه كان راجل طيب ، الكلام ده من يجي 70 سنة وأكتر، "صابحة" كانت طفلة صغيرة وبتحب تلعب في جنينة جدي وبنت العمدة كانت كل يوم تديها علقة وتجرها من شعرها ، وفي النهاية طردتها وصابحة راحت قعدت في الجنينة وبالليل خافت وعيطت ، جدي سمعها وأخدها وكلم أهلها وأخدها عنده وفضلت موجودة معاهم وبيعاملوها على أنها واحدة من البيت، وكانوا بيخلوها لما كبرت، وبقت شابة ، تخرج تود أختها وأهلها اللي في القاهرة ، وبالطريقة دي اتعرفت علي واحد سواق وجت حكت لجدتي إنه عايز يتجوزها ، ولما جدي عرف طلب منها تجيبه علشان يسألوا عليه ، السواق قال لها "دول مش عايزينك تتجوزي وتفضلي تخدميهم " المهم أجروا شقة صغيرة عند ناس طيبين ، وعاشوا سنة تقريبا ، هو بيجي خميس وجمعة، وكان بيقول إنه بيسوق العربية النقل في الصعيد ،وفي الصيف بيقعد أكتر في البيت ، علشان الشغل أقل ، وأول ما عرف إنها حامل في حسونة ، اختفى وهي دورت عليه ما عرفتش تجيبه ، وبدأت فلوسها تخلص ، ولما جابت "حسونة" كتبته باسم أبوه أصل أصحاب البيت ادولها بياناته اللي موجودة في العقد ، وساعدوها لحد ما عرفت الحقيقة ، السواق كان طالب في الحربية وخلص وبقى ظابط ، والورقة اللي معاها عرفي والمأذون واحد صاحبه ، وكانت كل ما تفتكر اللي حصل تمسك الواد وتضربه وبعدين تبوسه وبعدين تضربه فطلع زي ما انت شايف ، بس أمين وعمره ما يغلط في حد ، وأخيرا يوم ماشيه في الشارع وكان حسونه عنده 3 سنين أمي شافتها ورجعت هي وحسونة قعدوا عند والدي لأننا كنا نقلنا في عمارة وعندنا أود فوق السطوح ، أما الدلع فهو "حونا الصابي" هو كان بيقول على نفسه وهو صغير حونا الصابي يعني حسونة ابن صابحة.
هنا ظهر حسونة يحمل حلة وبالطبع تيقنت انها محشي كرنب ،فرحبت به كالعادة ، وعند خروجه من باب الشقة ، وجدنا ناجح ما زال منتظر .
ناجح : حتنتخب مين يا حسونة ، وحتقول إيه للدستور.
حسونة : حقول في الورقة مش لك يا ناجح علشان انت بتفضل تقول حسونة حيعمل كذا وأمي بتزعل ، إنما حنتخب مين دي سهلة حنتخب اللي يعمل حاجتين بس .
ناجح ضاحكا : إيه هما بقى؟.
حسونة : أولكش حنتخب اللي يقول على حاجة يعملها للبلد تخلي مصر أحسن وأحلى بس حاجة حقيقية مش نهضة كلام .. تاني حاجة وخلي بالك منها ، إنه يخلي الحكومة والبوليس يعاملوني أنا حسونة العبيط زي ما انت بتقول على يا ناجح من ورايا زي ما بيعاملوا رئيس الوزرا والبهوات.
ناجح : أبدا أوع تزعل تعالى أشرب شاي.
حسونة : لا يا عم أنا لو اتأخرت مراتي حتزعل وأمي صابحة مش حتحميني والنهارده ميعاد الحمام.