الحوسبة السحابية تدق أبواب السوق المصرية وتبحث عن التكامل بين مؤسسات الدولة

غياب القوانين .. ضعف البنية التحتية .. قلة الوعي أهم تحديات التنفيذ الفعلي لمفهوم الحوسبة

اتفاقية تعاون بين TE Data و"أوتوميشن للاستشارات" للاعتماد على السحابة في تقديم خدماتها

وزير الاتصالات : الدخول بقوة مجال الحوسبة ضمن أولويات الوزارة الاستراتيجية باستثمارات تصل إلى 18 مليار جنيه

أصبح نموذج "الحوسبة السحابية" Cloud Computing ، هو أحد التوجهات العالمية ، التي تهدف إلى تحسين الاستثمار داخل القطاعات المختلفة ، من خلال قدرة هذا النموذج على زيادة الإيرادات ، وتوسيع الأعمال ، وتحقيق فرص عمل جديدة تمتد لقطاعات واسعة ، ليس فقط داخل قطاع تكنولوجيا المعلومات ، حيث يعد نموذج الحوسبة السحابية أحد المصطلحات التكنولوجية التي ظهرت مؤخراً على الساحة التكنولوجية داخل الأسواق العربية وهو مجال استثماري تكنولوجي يعتمد على نقل المعالجة ومساحة التخزين الخاصة بالحاسوب إلى ما يسمى بالسحابة ، من خلال أجهزة خوادم ضخمة يتم الوصول إليها عن طريق شبكة الإنترنت ، ومن خلال ذلك تتحول برامج تكنولوجيا المعلومات من منتجات إلى خدمات ، الأمر الذي سيساهم في تغيير شكل صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم للأبد، كما أن قطاعات الأعمال المختلفة ستتشكل لديها بالكامل طرق مختلفة للاستخدام والدفع مقابل التكنولوجيا ، ومؤخراً قامت شركة TE Data التابعة للشركة المصرية للاتصالات في تقديم خدمات الإنترنت ونقل البيانات ، بتوقيع اتفاقية تعاون مع شركة "أوتوميشن للاستشارات" ، إحدى شركات ILA القابضة ، وذلك لتقديم خدمات تطبيقات الحوسبة السحابية في السوق المصرية ، وتقضي الاتفاقية بقيام الشركتين بتقديم خدمات تطبيقات الحوسبة السحابية لكل من القطاع الحكومي والقطاع الخاص في العديد من المجالات ، بما يساهم في تلبية الكثير من احتياجات القطاعات المختلفة ، وسوف تتم استضافة التطبيقات التكنولوجية الخاصة بهذا الموضوع لدى مركز بيانات شركة "تي إي داتا" المؤمنة بالكامل ضد أي عمليات اختراق تكنولوجية أو سرقة ، وتقوم شركة "أوتوميشن للاستشارات" بتقديم الدعم الفني لهذه التطبيقات وللعملاء على حد سواء .

أعد الملف : أحمد رشاد

طفرة نوعية في عالم الاتصالات
من جانبه أكد المهندس عاطف حلمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، أن الدخول في صناعة الحوسبة السحابية يعد من أهم أولويات إستراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، خلال الفترة القادمة ، مشيراً إلى أن حجم الاستثمارات المتوقعة لتنفيذ إستراتيجية الحوسبة السحابية تتراوح ما بين 15 إلى 18 مليار جنيه على مدار الــ 7 سنوات القادمة ، ومؤكداً على أن الحوسبة السحابية لها دورها المهم والضروري في إحداث طفرة نوعية في عالم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، ووضع مصر على الخريطة العالمية بقوة في هذه الصناعة الواعدة ، مشيراً إلى أن الوزارة تتبنى مفهوم الحوسبة السحابية والتوعية بأهميتها والعمل على تطوير الكوادر الجديدة ، مشيراً إلى أن الحوسبة السحابية من أهم الأولويات التي يركز عليها مركز الإبداع وريادة الأعمال التابع للوزارة ، وذلك بما لها من قدرة عالية على توفير أقصى قدر ممكن من كفاءة تكنولوجيا المعلومات وتجعل من الممكن تخزين وإدارة وتحليل المعلومات في العالم بالتزامن مع نمو هذه الصناعة بصورة طردية ، وأشار وزير الاتصالات إلى أن مجلس الوزراء قد وافق على قيام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتمويل وتنفيذ أول مشروع للحوسبة السحابية الحكومية لتقديم خدمات البنية الأساسية وقواعد البيانات والتطبيقات الأكثر استخداما وشيوعاً للجهات الحكومية ، الأمر الذي يمثل لنا نقطة انطلاق كبيرة نحو الوصول إلى المجتمع الرقمي في كل المجالات الحياتية للمجتمع المصري ، خاصة أن هذه الصناعة تفتح الباب أمام استثمارات ضخمة في كل القطاعات والتطبيقات التكنولوجية ، ويوفر المزيد من فرص العمل ، وتدعم بقوة الصناعات الصغيرة والمتوسطة .

دعم الاقتصاد القومي بشكل واسع
من جانبه أكد المهندس محمد النواوي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للشركة المصرية للاتصالات على الأهمية الكبيرة لتوقيع مذكرة التفاهم بين "تي إي داتا" و"أوتوميشن" ، ودورها المهم الذي ستلعبه في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا تستطيع تحمل تكاليف استثمارية كبيرة ، ومساعدتها من خلال خدمات تطبيقات الحوسبة السحابية على البدء في أعمالها على الفور ، مشيرا إلى أهمية مثل هذه الاتفاقيات في دعم الاقتصاد القومي بشكل واسع خلال المرحلة الراهنة مشيراً إلى أن الاتفاقية تتبنى تنفيذ مجموعة من التطبيقات مثل إدارة الموارد البشرية ، وإدارة الموارد البشرية المتجولة ، وإدارة وتتبع الأصول ، وإدارة وتتبع الأسطول ، وإدارة المكتبات ، والأرشيف الصحفي ، وإدارة المخطوطات ، والأرشيف الإليكتروني ، وتدفق المستندات والأعمال ، وإدارة مراكز التدريب وإدارة مراكز الصيانة والإصلاح ، مشيراً إلى أن الحوسبة السحابية من شأنها خفض تكلفة الأعمال بشكل كبير ، من خلال تقديم نموذج "الدفع مقابل الاستخدام" ، كما تؤكد على الإدارة الاحترافية للبنية التحتية ، الأمر الذي سيغير استخدام تكنولوجيا المعلومات حول العالم في المستقبل القريب .

تعظيم الفوائد الناشئة عن استخدام الحوسبة
ومن جانبه أوضح الدكتور محمود الدسوقي رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة "أوتوميشن للاستشارات" التأثير الإيجابي لهذه الاتفاقية ، التي من المتوقع أن تستفيد منها القطاعات والصناعات المختلفة ، من تكنولوجيا الحوسبة السحابية ، بتعظيم الفوائد الناشئة عن استخدام هذه التكنولوجيا مثل تقليل التكلفة الاستثمارية ، والمرونة وحرية الحركة وسرعة تطبيق النُظُم ، معتبراً أن الحوسبة السحابية تعد منهجية جديدة تمثل توجها عالميا يساعد مختلف المنظمات والكيانات على توفير أعلى مستوى من فعالية تكنولوجيا المعلومات والإنترنت ، مما يمكن هذه المنظمات من حفظ المعلومات وإدارتها وتحليلها حول العالم ، اعتمادا على نموها المتسارع ، كما تعكس الحوسبة السحابية نموذجا جديدا لاستهلاك خدمات تكنولوجيا المعلومات وعرضها وسبل توصيلها ، فضلاً عن إتاحة قوة معالجة الحوسبة والتخزين ومعدل نقل البيانات واستخدام البرمجيات وتطويرها والاختبار والأمن والهوية كخدمات عبر الإنترنت ، ولذلك تضع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الحوسبة السحابية ومراكز البيانات والحلول المتكاملة على رأس أولوياتها في الأجندة الدولية لموضوعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، مؤكداً أن هذه المنهجية الجديدة آخذة في التوسع والانتشار كحل متداول بين أصحاب الأعمال منذ أن أبدت نتائج فعالة وإيجابية ، وللحوسبة السحابية إمكانات عديدة ، في زيادة الإيرادات ، وتوسيع الأعمال ، وتحقيق فرص عمل جديدة تمتد لقطاعات واسعة ، ليس فقط داخل قطاع تكنولوجيا المعلومات.

فرصة كبيرة أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة
ومن ناحيته أكد شريف مرسي استشاري الحلول التكنولوجية بشركة أوراكل ، أن الشركات الصغيرة والمتوسطة أمامها فرصة كبيرة للاستفادة من خدمات الحوسبة السحابية ، بناء على حجم أعمال كل شركة وعدد موظفيها ونوعية الخدمات التي تحتاجها ، بما يتناسب مع قدراتها المالية ، وهو ما يوفر لهذه الشركات نفقات عديدة ووقتا ومجهودا ، بنسبة نمو أعمال يصل إلى نحو 30% ، مشيراً إلى أن أوراكل تقوم دائماً بتحديث بنيتها التحتية ، من أجل مواكبة احتياجات عملائها بمختلف أنحاء العالم ، وذلك في ضوء توجهاتها لانتشار خدمات الحوسبة السحابية على مستوى العالم ، موضحاً أن هناك تكنولوجيات أخرى يجب أن تتواجد حتى تنتشر خدمات الحوسبة السحابية ، مثل إمكانية الوصول للإنترنت ، وهو ما تتجه إليه الحكومة حاليا من خلال مبادرة البرود باند ، التي من شأنها توصيل خدمات الاتصالات لكل المناطق ، مما يسهل على المواطن الوصول إلى كل ما يحتاجه ، وعلى الشركات كل مطالبها التكنولوجية داخل أسواق العمل .

غياب الضوابط القانونية
كما يؤكد المهندس أحمد السلمي ـ مدير تسويق البرامج الإنتاجية ومستخدمو المعلومات بشركة مايكروسوفت مصر، أن الشركة منذ فترة تقدم خدمات الحوسبة عن طريق "الإيميل" المجاني ، وبرنامج "الماسنجر"، ومنذ فترة قررنا تقديم خدمات "الهارد وير والسوفت وير" ، من أجل مساعدة عملائنا في الحصول على خدمات متكاملة في هذا المجال ، وبالفعل نسعى جاهدين للتعرف على رغبات العملاء خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة حتى نستطيع تقديم خدمات الحوسبة الكافية لتحقيق أهدافهم السوقية ، محدداً أهم التحديات التي تواجه انتشار خدمات الحوسبة السحابية داخل السوق المصرية ، هو غياب الضوابط القانونية لتفعيل دور خدمات الحوسبة السحابية ، وهو مايجب على المسئولين أن يهتموا به خلال الفترة الراهنة ، كذلك يجب أن نلمس الاهتمام الحكومي بمختلف مؤسساته حتى يكونوا نموذجا لباقي المؤسسات العاملة داخل السوق المصرية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

السوق المصرية تمتلك مقومات عديدة
من جانبه أشار زاهر حيدر مدير مهندسي النظم بشركة EMC لمنطقة تركيا والشرق الأوسط وأفريقيا ، إلى أن السوق المصرية تمتلك مقومات عديدة تجعلها مؤهلة لانتشار خدمات الحوسبة السحابية في وقت سريع جداً ، وأهم تلك المقومات هو الكوادر البشرية المؤهلة ، مشيراً إلى أن الشركة لها مجهودات ملموسة في هذا الصدد مع جهات مصرية عديدة ، أهمها هو مركز التميز الموجود بالقاهرة ، مشدداً على ضرورة الإسراع في نشر مفهوم الحوسبة السحابية ، وعلى الشركات مقدمة الخدمة العاملة في السوق بحث سبل التعاون مع الحكومة في إطار تحقيق هذا التكامل من خلال الحوسبة السحابية ، مشيراً إلى أن كل الخدمات الحديثة التي ترغب المؤسسات في تقديمها يجب أن تعتمد على الحوسبة السحابية ، نظرًا لحجم البيانات الكبير المتداول ، والتي تاتي في مقدمتها الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن، معتبراً أن تحويل التحديات إلى فرص أمر سهل ويمكن القيام به ، ويجب أن تبدأ الحكومة بنفسها من خلال الاعتماد على خدمات الحوسبة ، وبعد ذلك ستقوم الشركات بالسير على نفس النهج ، وبذلك نصل إلى هدف التكامل بين كل المؤسسات العاملة في السوق ، مؤكداً أن الشركات الكبيرة مقدمة خدمات الحوسبة السحابية لديها الكثير للشركات الصغيرة والمتوسطة ، لمساعدتها على تنمية أعمالها وتقليل النفقات وتقديم خدمات بشكل أسرع ، لافتاً إلى أن الشركة لديها استراتيجية متكاملة تتلاقى مع توجهات الحكومة المصرية في هذا الشأن .

معدلات نمو مرتفعة تمثل مستقبل العالم
بينما يؤكد المهندس وائل الفخراني ـ مدير عام جوجل مصر ، أن الحوسبة السحابية تمثل المستقبل في العالم كله من خلال معدلات النمو المرتفعة التي يشهدها هذا المجال يومياً ، ، موضحاً أن هذا النوع من البرمجيات سيحقق معدلات نمو مرتفعة في المستقبل من خلال ثلاثة عوامل أساسية ، هي استمرار الانخفاض في أسعار الوسائط التخزينية ، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الدخول على الإنترنت والطاقات الاستيعابية والسرعات العالية ، التي تتمتع بها شبكة الإنترنت ، فضلاً عن الطفرة الكبيرة في مجال المحتوى الرقمي والبيانات الإلكترونية التي باتت المؤسسات تحتاج للتعامل معها ، وفي نفس الوقت تقليل التعقيدات في بنيتها التحتية وقدرة أنظمتها على معالجة هذه الكميات الضخمة من البيانات ، مشيراً إلى أن جوجل لديها توجه للتعاون مع شركة تقنيات التمثيل الافتراضي VMware لابتكار العديد من المنصات التي من شأنها مساعدة القطاعات المختلفة على الأعمال ، وتبني تطبيقات الحوسبة السحابية بشكل أسرع وأكثر انسيابية ، ومساعدة أقسام تكنولوجيا المعلومات على تخفيض النفقات المخصصة لصيانة الأنظمة المعلوماتية والدعم الفني .

المقاومة العالية للتطوارت بالسوق المحلية
كما أكد المهندس أحمد عبد الرحمن رئيس مجلس إدارة شركة Cloud Niners ، أن السوق المصرية تحتوى على بعض المشكلات التي تحول دون الحصول على الاستفادة الكاملة من التطورات الراهنة في مجال الحوسبة السحابية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بصفة عامة ، وهو ما ينعكس بطبيعة الحال على القطاعات الاستثمارية العاملة في هذا المجال داخل السوق المحلية ، وأهم تلك المشكلات هي المقاومة العالية للتطورات التكنولوجية الراهنة التي نتج عنها بطء شديد في تقبل التغيير والتطوير، وهو ما ظهر بوضوح خلال عمل الشركة بمجال الحوسبة السحابية ، وهو ما يساهم في تقدم الشركات المنافسة خارج السوق المحلية في هذه المجالات ، هذا بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية للإنترنت داخل المجتمع المصري ، فضلاً عن ضعف الوعي العام بأهمية التطورات التكنولوجية ، والذي ينعكس على ثقافة استخدام أدوات الدفع والشراء والبيع الإلكترونية ، الأمر الذي ينعكس بصورة واضحة على الشركات الصغيرة العاملة في مختلف المجالات التكنولوجية ، بالإضافة إلى ضعف الثقة في المنتج المحلي ، بجانب سوء العملية التعليمية بمختلف مراحلها في المجالات المتعلقة بالقطاعات التكنولوجية ، وهو ما ينعكس أيضاً بصورة واضحة على استثمارات هذا المجال .