البعوض المصنعي يمكن أن يقلّل من التجمّعات الناقلة للأمراض بنسبة 90٪

تعدّ حمى الضنك إحدى الأمراض المروّعة. فوفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، تحدث 390 مليون إصابة بعدوى هذه الحمى سنوياً، وتكون نحو 25% من هذه الحالات شديدة بما فيه الكفاية لتتطلب دخول المستشفى. وقد ازداد مدى الانتشار العالمي للمرض بسرعة في السنوات الأخيرة، ويعدّ حالياً ما يقرب من نصف الأشخاص في العالم عرضة لخطر الإصابة به.
وفي حين أن حمى الضنك يمكن علاجها في حال تم اكتشافها بوقت مبكر، إلا أن الجانب التقليدي الأكثر تحدياً لها هو طريقة انتقالها. حيث ينتقل فيروس الضنك عن طريق البعوض شأنه شأن الأمراض المدارية الأخرى مثل زيكا والحمى الصفراء وداء شيكونغونيا. وتنمو هذه الحشرات في المناطق المدارية في العالم، وذلك حيث يعيش 2.5 مليار نسمة، أو ما يشكل 40% من سكان العالم. وبدلاً من التركيز على طرق العلاج، فإن لدى بعض العلماء من البرازيل خطة جديدة للقضاء على الفيروس من خلال استهداف ناقلات الأمراض بحدّ ذاتها.
ويخطط هؤلاء العلماء جنباً إلى جنب مع إحدى المؤسسات البريطانية لمكافحة الحشرات لإطلاق الملايين من البعوض المصنعي - والذي يُدعى OX513A - في البراري ليتزاوج مع الإناث من أنواع البعوض الناقلة للأمراض. ومن خلال الهندسة الوراثية، فإن السلالات الناجمة عن هذه التفاعلات ستعاني من أحد العيوب التي من شأنها أن تقصّر حياتها، كما أن البعوض المصنعي لديه عيب وراثي، ولذلك فإنها ستموت بعد التزاوج بفترة قريبة.

القضاء على الحشرات الناقلة يؤدي إلى القضاء على المرض
ويذكر أن شركة أوكسيتيك - المسؤولة عن تطوير وإنتاج OX513A - لديها بالفعل مصنع في بيراسيكابا - وهي بلدة شمال غرب ساو باولو - حيث يمكن أن تنتج أكثر من 60 مليون من هذا البعوض المعدّل وراثياً خلال أسبوع. وبالرغم من أن الشركة لا تمتلك بعد تصريحاً للمبيعات من السلطات الصحية في البرازيل (Anvisa)، إلا أن بيراسيكابا وقّعت مع شركة أوكسيتيك اتفاقاً لمدة أربع سنوات بقيمة 1.1 مليون دولار أمريكي وذلك كي تقوم الشركة بنشر 10 ملايين من البعوض الخاص بها داخل البلدة كل أسبوع.
وأظهرت التجارب السابقة التي قامت بها شركة أوكسيتيك انخفاضاً بنسبة 90% في أحد الأنواع الناقلة للأمراض وذلك عندما تم نشر OX513A في جزر كايمان، وهذا يدل على فعالية هذا البعوض المصنعي، كما يقدم دليلاً على إثبات المفاهيم للعلماء الآخرين الذين يتطلعون إلى القضاء على ناقلات الأمراض من خلال الوسائل المعدّلة وراثياً. وقالت عالمة الأحياء كارلا تيبيدنو في حديثها لوكالة فرانس برس: "بالقضاء على الحشرات الناقلة، نقوم بالقضاء على المرض".
وكما هو الحال مع أي دراسة تتضمن التعديل الوراثي، فإن هناك بعض المخاوف. فما هي الآثار طويلة الأمد لتقديم هذه الكائنات المعدلة وراثياً في البراري؟ وهل سيتطور البعوض بحيث يكون أكثر صعوبة في علاجه؟ حيث إن القضاء على بعض الأمراض مثل حمى الضنك وزيكا من خلال هذه الطريقة قد يعطينا فرصة لمواجهة المشاكل التي تزهق الأرواح حالياً، ولكن قبل أن يتم وضع هذه الاستراتيجية موضع الاستخدام واسع النطاق، فإن الفوائد الفورية تحتاج إلى التفكير بها بعناية مقابل المشاكل المحتملة في المستقبل.