120 مليار جنيه تكلفة تقديم الخدمات الصحية والتكنولوجيا رأس الحربة .. كيف ؟

عبد الغفار: وعي المواطن..تجهيز المستشفيات..تدريب .. والبنية التشريعية أهم روشتة لتحسين الخدمات الصحية
كريم : مطلوب القضاء على مافيا الدواء وتراجع حصة شركات الأدوية المحلية من 70 % إلى 5 % فقط
عبد المقصود : "الإدارة الجيدة" سر نجاح قصر العيني في تقديم خدمات متميزة وبتكلفة أقل 30 %

كتب : وسيم إمام
يشكل ملف خدمات الرعاية الطبية في مصر وكيفية النهوض بها من خلال تبني الحلول التكنولوجية المتطورة وتوفير المهارات والأطقم الطبية والأدوية لكل المستشفيات الحكومية والجامعية وتوفير الكوادر البشرية الإدارية تحديا كبيرا أمام حكومة المهندس شريف إسماعيل في ثوبها الجديد لعلاج الكثير من أوجه الخلل منها الإدارة وندرة الإمكانيات وعدم توافر الأطباء وأطقم التمريض وعدم توافر إمكان التمريض لمحدودي الدخل إذ بدون إدارة قوية وقانون قوي يحاسب المخطئ والموظف المتهاون والمتكاسل والفاسد سيكون من المستحيل تحسين منظومة الخدمات الصحية.
وطالب الخبراء بضرورة تأسيس صندوق خاص تحت رعاية المجتمع المدني لفتح الباب لتمويل عملية ميكنة وتطوير قطاع الصحة .. خاصة في ضوء نجاح بعض المؤسسات العلاجية في التوسع في هذا المفهوم لتوفير التمويل بعيدا عن ميزانية الدولة ، كذلك يجب أن تتغير المنظومة الطبية بصورة جذرية بداية من عامل الاستقبال حتى مدير المستشفى ووجود سجل الكتروني لكل مريض لمتابعة حالته خاصة الطبقة غير القادرة ماليا.
كما طالب البعض أن النهوض بالخدمة الطبية يحتاج إلى وجود منظومة متكاملة للعاملين في هذا القطاع واقتناعهم بأن مهمتهم إنسانية في المقام الأول وعلينا النظر إلى الفرق بين مستوى الخدمة والأطباء في المستشفيات الحكومية مقارنة بالمستشفيات الخاصة رغم أنهم أنفسهم نفس الأطقم الطبية التي تعمل في الجهتين .
سجل صحي إلكتروني
في البداية أكد حسام عبد الغفار ـ أمين عام لجنة تطوير المستشفيات أن منظومة تحسين الخدمات الصحية مرتبطة بـ 4 أطراف أولها " متلقي الخدمة " ويحتاج إلى زيادة الوعي وإعادة تقوية الجانب الوقائي وزيادة وعي المواطن ورفع وعيه بأهمية التطعيمات والحمل في السن المناسب وعمل سجل صحي إلكتروني لكل المرضى المترددين على المستشفيات الحكومية وهكذا. أما الطرف الثاني فيتمثل في "مقدم الخدمة " ويتمثل في الطبيب والفريق المصاحب له من أطقم التمريض إذ يحتاج إلى البقاء دائما على معرفة ودراية بأحدث أساليب العلاج وذلك من خلال التعليم وإعادة تأهيله وأن يتمكن من توفير الخدمة من خلال بيئة عمل مناسب وكذلك الاستقرار الذي يتيح تقديم الخدمة بسهولة.
أضاف يتمثل الطرف الثالث لمنظومة تحسين الخدمات الصحية في " المنشأة "إذ لابد من التجهيز الحديث للمستشفيات وإمدادها بالأجهزة والمعدات الطبية الحديثة وهو ما يتطلب زيادة تمويل المنظومة الصحية في الموازنة العامة على أن المحور الأخير يركز على تطوير البنية التشريعية الحاكمة للمنظومة الصحية ولا يصح أن القوانين التي تم إصدارها منذ عام 1945 هي التي تحكم تقديم الخدمة الصحية حتى الآن منوها أنه لابد من العمل على تطوير هذه المحاور كلها بصورة متزامنة .
مجلس قومي أعلى للصحة
أضاف دور وزارة الصحة في الوقت الحالي متشعبا وكبيرا فهي تقدم الرعاية الأولية وتقديم الخدمة ومراقبة الخدمة وتطوير المستشفيات وهذا جهد كبير ولابد من إعادة تنظيم دور الوزارة وأن يكون هناك دور لوزارة التربية والتعليم لزيادة ثقافة أبناء الشعب صحيا وأن يكون لديه ثقافة صحية ووجود مجلس قومي أعلى للصحة يضم العديد من الجهات الحكومية والمدنية والشعبية .
أضاف هناك أمور تتعلق بالتخطيط وتحتاج إلى العمل بصورة متوازية من خلال التدريب للعاملين في المجال الصحي بصورة عامة بداية من التمريض وتأهيل الكوادر البشرية من الأطباء ولكن فيما يتعلق بزيادة التمويل لتحسين الخدمات الصحية فتم تقسيم الجمهورية إلى جهات: الأولى بالاحتياج والذي يعاني من تجاهل الدولة لفترات طويلة لتحسين الخدمات الصحية بها خاصة في محافظات الصعيد .
أوضح أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ـ رئيس الجمهورية ـ قام بتخصيص نحو 8 مليارات جنيه لتطوير المستشفيات وتحديث البنية التحتية وهذا فيما يخص دور التجهيز للمنشأة موضحا أن قانون " التأمين الصحي " سيشكل قفزة نوعية كبيرة في حل مشكلة التمويل ونحن في المرحلة الدراسية الاكتوارية ، ويغطى حاليا 50 مليون مواطن بميزانية 7 مليارات جنيه ، ولكن الدراسة الالكتوارية تقول إننا نحتاج إلى 120 مليار جنيه على الاقل لتقديم خدمات صحية جيدة .
موضحا من أهم مزايا قانون التأمين الصحي الجديد سيكون التأمين على الأسرة بدلا من الفرد ومن حق المؤمن عليه اختيار المكان الذي يعالج به واختيار المستشفى الحكومية ،في المرحلة الأولى ثم سيتم التوسع بها إلى المستشفيات الخاصة ، وسيكون من حق المريض تقييم الخدمة العلاجية التي يحصل عليها.
غياب استراتيجية لنقص الدواء
من جهة الدكتور كريم كرم ـ عضو " المركز المصري للحق " في الدواء أن هناك نقصا عاما للدواء ليس في المستشفيات الحكومية فقط وذلك نتيجة تعويم الجنيه وارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام الفاعلة بما أدى إلى رفع الأسعار وتفاقم أزمة الدواء وقيام بعض الشركات بتخفيض إنتاجها من الدواء بنسبة 50 % تقريبا.
أضاف الشركات الحكومية لديها منظومة للحصول على الدواء من الشركات المنتجة من الأدوية ولكن للأسف هناك مشكلة كبيرة في التخطيط لدى وزارة الصحة للتعامل مع أزمة الشركات التي تنتج الأدوية وتراجع الإنتاج وأزمة عدم طرح مناقصات جديدة لتلبية احتياجات المستشفيات الحكومية وليست هناك سياسة دوائية واضحة داخل الوزارة تستطيع من خلال التعامل بصورة منتظمة ودورية مع توفير الأدوية وإنما للأسف تتعامل بصورة جزئية مع كل مشكلة .
كما طالب بمعاقبة شركات الأدوية الخاصة والأجنبية التي تقلل من إنتاجها أو الامتناع عن إنتاج أي صنف خاصة أن لدينا 9 شركات حكومية ، كانت تنتج 70 % من الأدوية ولكن للأسف انخفضت إلى 5 % في الوقت الحالي لصالح الشركات الأجنبية ، ويجب القضاء على مافيا الدواء في مصر .
أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب
من ناحية أخرى قال الدكتور نبيل عبد المقصود ـ مدير مستشفى " قصر العيني الفرنساوي "يقدم خدمة مميزة منفردة لسببين الأول أن القائمين على الخدمة هم أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة ويمتلكون خبرات كبيرة جدا والسبب الثاني أن المستشفى تم تجهيزه بأجهزة من أحدث الأجهزة في العام، للمناظير وللأشعة والرنين المغناطيس و32 حجرة عمليات كبرى ، مما أدى إلى تمييز مستوى الخدمة ليس على مستوى المرضى في مصر فقط وإنما على مستوى الدول العربية.
أضاف الخدمة التي تقدم في " قصر العيني الفرنساوي " تعد أفصل من مستوى الخدمة في المستشفيات الخاصة بجانب أن أسعارنا تقل بنحو 35 % مقارنة في المستشفات الخاصة ناهيك عن ارتفاع مستوى الخدمة الطبية المقدمة في قصر العيني الفرنساوي .
أوضح الإدارة الجيدة هي سر نجاح تجربتنا، من خلال الإدارة المتميزة للدكتور جابر نصار ـ رئيس جامعة القاهرة ـ والذي نجح في القضاء على المديونية الكبيرة التي كانت على المستشفى وتحويلها إلى جهة خدمية متميزة فمثلا لدينا 5 آلاف موظف وقمنا بتقسيمهم إلى قسمين ، للعمل 3 أيام في الأسبوع ، والسماح لهم بالعمل في الخارج أثناء أوقات فراغهم لتحسين مستوى دخلهم المادي .
أكد بالنسبة لكيفية تطوير المستشفيات التابعة لوزارة الصحة فانه من الضرورى أن تعمل الوزراة على رفع مستوى الخدمة الطبية لديها وذلك من خلال استغلال الأطباء من أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب بالجامعات في المحافظات ، التابع لها هذه المستشفيات ، للمساعدة فى رفع كفاءة الخدمة واستغلال الأجهزة والمعدات الطبية المطورة الموجودة لدى المستشفيات بالإضافة إلى ضرورة تنظيم عملية توزيع الأدوية في المستشفيات خاصة مع ارتفاع سعر الدولار خاصة بالنسبة للأدوية الرخيصة والتي يكون عادة هامش الربح بها محدودا .