الواقع الافتراضي في طريقه لتغيير كل شيء

اقرأ لهؤلاء

التكنولوجيا .. وثورة في العلاج الذاتي
لا شك أن التكنولوجيا الحديثة باتت تلعب دورا استراتجيا في تطوير الخدمات الصحية العالمية بصورة تشكل قفزات نوعية كبيرة بداية من الأبحاث المتعلقة بتطوير
	تكنولوجيا محاربة الفساد  .. وصبر الشعب
التعلم خطوة خطوة في ممارسة الديمقراطية هو أحد أهم مكتسبات الشعب المصري خلال السنوات الستة الماضية لاسيما بعد أن نجح
الشباب .. واستراتيجية قومية للإبداع
يدرك الجميع أن مصر واحدة من الدول التي وهبها الله قوة بشرية لا يستهان بها ، إذ إن 60 % من السكان في عمر الشباب أقل من 25 عاما
تحديد حقوق وواجبات الروبوتات
كما يقال، لا قيمة لشيء بدون إثبات وتوثيق ورقي، وفي خضم الضجة العالمية حول النتائج المحتملة لدخولنا ثورة صناعية من نوع جديد، يقودها
الأمن الفضائي .. والتنسيق العربي المطلوب " 1- 3 "
يشكل الأمن والاستقرار، وحماية حقوق الملكية الفكرية أحد أهم متطلبات عملية التنمية الاقتصادية وإقناع المستثمرين

أصدقاؤك يفضلون:

الواقع الافتراضي في طريقه لتغيير كل شيء

هناك الكثير من الفوائد التي تقدمها التكنولوجيا إلى عالمنا، كتخفيف الجهد، وسهولة الوصول للمعلومات، وحتى فوائد اجتماعية. والآن، تبين مؤخراً أن أحد التطويرات التكنولوجية لديه إمكانات لتعزيز التعاطف بين البشر: وهو الواقع الافتراضي (VR).
شيئاً فشيئاً، يقترب الواقع الافتراضي من الحصول على موطئ قدم له خارج إطار الألعاب، حيث يتم التعرف على استخداماته في مجالات مثل: التعليم، والبيع بالتجزئة، وحتى القطاع الطبي. يشير الباحثون والخبراء اليوم إلى أنه بإمكان الواقع الافتراضي أن يفعل ما هو أكثر بكثير من مجرد توفير بُعدٍ للتفاعل متعدد الحواس لوسائل الترفيه التقليدي. حيث يمكن للواقع الافتراضي أن يوفر للأشخاص فرصة الشعور المؤقت بما يشعر به الآخرون، وهذا بحد ذاته، يمكن استخدامه في "الحد من التحيز العنصري، وتعزيز حماية البيئة، وتشجيع التعاطف مع السجناء، وتلطيف صورة الأعداء السياسيين، أو حتى مساعدة المستخدمين على اتخاذ قرارات مالية أفضل".
يقول جيرمي بيلنسن، المدير المؤسس لمختبر التفاعل البشري الافتراضي في جامعة ستانفورد في مقالة نُشرت عبر موقع إن بي سي نيوز الإخباري: "لقد قضينا السنوات الخمس عشرة الماضية في تصميم تجارب مخصصة لاختبار فعالية الواقع الافتراضي في تعليم التعاطف. وعبر عشرات الدراسات التي قمنا بها، يظهر أحد الأنماط الذي يوضح نزعة الواقع الافتراضي ليكون أداة أكثر فعالية من تقنيات التواصل السمعي والمرئي، وتقنيات تمثيل الأدوار الأخرى".
في إحدى التجارب التي أجريت في برشلونة، لعب الواقع الافتراضي دوراً فعالاً في توفير فهم عميق للتحيز العنصري، حيث أتاح الواقع الافتراضي للمستخدمين استخدام شخصيات افتراضية من ذوي البشرة الفاتحة والسمراء. وفي تجربة أخرى، استخدمت جامعة ستانفورد محاكاة متباطئة تمنح المستخدمين تجربة متعددة الحواس، حول كيفية تحول قطعة من المرجان وهي تتآكل ببطء نتيجة تحمّض مياه المحيط. لاحظ الباحثون أن الذين خاضوا تجربة الواقع الافتراضي قد اعترفوا بأن التحمّض يشكل تهديداً بيئياً مقارنة بآخرين اكتفوا برؤية تآكل المرجان ضمن مقطع فيديو من دون أن يبدوا أية ردة فعل واضحة، وهو ما يوضح تأثير الواقع الافتراضي على الشعور بالتعاطف البيئي.
التأثير
تعتقد صن جو (جريس) آهن، إحدى خريجات مختبر بيلنسن، أن القدرة الفريدة لهذه التكنولوجيا على بناء هذا المستوى من التعاطف بين المستخدمين، يمكن أن يُنسب إلى طبيعتها الغنية بالتفاعل مع حواسهم. فتصورُ الحياة من وجهة نظر شخص آخر، يعتمد على معلومات محدودة. حيث يمكن لأي شيء يتسبب بالإرباك أو عدم الوضوح أن يترك فراغات إدراكية تمنع أي شخص من أن يفهم تماماً ما الذي يعنيه أن تلعب دور شخص آخر وتشعر بما يشعر به.
حتى لو تمكنت بسهولة من ملء هذه الفراغات الإدراكية بالاعتماد على مخيلتك، فستكون كلها مبنية على افتراضات. هنا يظهر دور الواقع الافتراضي في تمكين الأشخاص من ملء هذه الفراغات بالاعتماد على معلومات واقعية. وبالتالي إن أردت من شخص ما أن يتعاطف مع صعوبة مواجهة مواقف تتعلق بالتحيز العنصري بشكل يومي، فيمكن للواقع الافتراضي أن يجعلك تتجول ضمن عالم افتراضي منتحلاً شخصية افتراضية يختلف لون بشرتها عما أنت عليه في الحياة الواقعية، وبالتالي يتسنى لك أن تختبر العواطف التي يحملها هذا الاختلاف.
تقول صن: "تهتم المحاكاة الافتراضية بتمثيل ما الذي قد تواجهه في العالم الحقيقي، وبالتالي تتاح لك الكثير من التفاصيل لتشكيل تصور ذهني، وذاكرة عن هذه التجربة وكأنها حدثت لك بالفعل في العالم الحقيقي". وتضيف بالقول: "عندما تحاول أن تتذكر تلك التجربة لاحقاً، فستكون بارزة أكثر في مخيلتك. لقد أصبح لديك الكثير من التفاصيل لتسترجعها. سيكون من الأسهل لك أن ترسم هذه الخريطة الذهنية لما واجهته في ذاكرتك من تفاصيل".
ما زالت الأبحاث التي تدعم هذه الظاهرة وأهميتها في تعزيز السلوك الإيجابي في مراحلها الأولى. على أي حال، فإن الآثار قصيرة المدى التي يمكن أن نكتسبها نتيجة التعرض للواقع الافتراضي ستضطر لمواجهة كمية كبيرة من الوسائط المرئية والمسموعة الأخرى، والتي يمكن أن تتعارض مع الرسائل الإيجابية الموجهة على شكل واقع افتراضي. في الوقت الحالي، تبحث الدراسات في كيفية استخدام هذه التكنولوجيا للحصول على آثار طويلة الأمد، والتي تتطلب المزيد من الأبحاث في الاستخدام المتكرر، إضافة إلى تطوير المزيد من برامج الواقع الافتراضي التي تهدف إلى بناء جسور التقارب بين الناس وتعزيز فرص التعاطف المتبادل. من جهة أخرى، يحتمل لهذه التكنولوجيا والأبحاث التي تدعمها أن تتعرضا "للاختطاف أو الاستخدام بهدف تعزيز أجندات مختلفة بصرف النظر عن تركيبتها الأخلاقية"، كما يشير أحد خريجي جامعة ستانفورد.
مع ذلك، يبقى الأمر الوحيد المؤكد، هو ظهور أوجه من التطور تفتح المجال ليكون الواقع الافتراضي أكثر من مجرد وسيلة جديدة لممارسة الألعاب بأسلوب مختلف. لا شك أن التكنولوجيا تمتلك من المقومات ما يكفي ليكون تأثيرها أكثر عمقاً بالنسبة لنا جميعاً.

مشاركات القراء