حلاوة الخلوة والتعبد

بقلم سامح نصير

فى الأيام الأخيرة قبل البعثة حبب الى النبي صلي الله عليه وسلم الخلوة للتعبد والتفكر فكان يذهب إلى غار حراء بأعلى الجبل ويتعبد ، كان للغار فتحة تري منها الكعبة ، كان صلي الله عليه وسلم يذهب أياماّ للتعبد فى كل سنة وكان يفضل شهر رمضان ، وفى العام السابق للبعثة مكث شهرا كاملا فى الغار ، وفى ليلة من ليالي رمضان ( يوم الرسالة ) كان صلي الله عليه وسلم يتعبد فى غــار حراء وبينما هو جالس خرج عليه رجل ( جبريل في صورة رجل ) يلبس الأبيض من الثياب ، وقال : يا محمد أقرأ ، ومد له الكتاب فقال النبى : ما أنا بقارىء ، فغطه أي : ضمه ضمة قوية ، وقال : يا محمد أقرأ ، فقال صلي الله عليه وسلم ما أنا بقارىء فغطه غطة كالأولي ، وقال يا محمد أقرأ : فقال ماذا أقرأ فقال جبريل عليه السلام : اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم  الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم   " العلق / 1-5 " ، نزلت هذه الآيات في ليلة القدر في شهر رمضان بسورة العلق ، وهي  أول آيات نزلت من السماء . وبعد أن قرأ النبي صلي الله عليه وسلم هذه الآيات اختفى الرجل ( جبريل ) ، هذا المشهد وصفه الله في القرآن فقال سبحانة وتعالي ( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى ........ علمه شديد القوى ) " النجم / 1-5 " وهو جبريل زعيم الملائكة وأقــواهم .

وبعد أن ذهب سيدنا جبريل ذهب النبي صلي الله عليه وسلم الى منزله مرتعشا ، قابلته زوجته السيده خديجة رضي الله عنها فقص لها ما حدث فقالت له : والله لن يخزيك الله ابدا انك لتصل الرحم ، وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضعيف , وتعين علي نوائب  الحق ، لا يمكن ان يصيبك شر " ، وأخذته صلي الله عليه وسلم إلي ابن عمها ورقة بن نوفل ، وشرح له صلي الله عليه وسلم ما رأي فقال ورقة الله أكبر والله لقد جاءك الناموس الأكبر ( يقصد جبريل ) الذي أنزل علي موسي ولم يقل عيسي لأنهم لم يكونوا يعتقدون أنه نبي فهو درجة بين الأنبياء والألوهية فى عقيدتهم " النبي يأتية الوحى ولا يؤمر بالرسالة أما الرسول فهو الذي يؤمر بالرسالة , نبئ صلي الله عليه وسلم بآيات سوره العلق ، ثم تم أمر بابلاغ الرسالة بقوله تعالي : " يا أيها بالمدثر " ( المدثر 1 ) .

فتر الوحي ( انقطع ) لمدة ستة اشهر كما في إحدي الروايات مات خلالها ورقة بن نوفل ، الهدف من فتور الوحي كان لذهاب الفزع عن النبى صلي الله عليه وسلم ولتشويقه له , وفى ليلة وهو نائم صلي الله عليه وسلم جاءه سيدنا جبريل عليه السلام بالرسالة ، " ياأيها المدثر قم فأنذر " ( المدثر / 1، 2 ) ( الأمر بالرسالة ) ، ثم تتابع الوحي بـ " ياأيها المزمـل " ( الضحى / 1 ، 2 ) ( الامر بالعبادة ) , ثم " والضحى والليل إذا سجى " لإعلام النبي صلي الله عليه وسلم  بأن الفتور لم يكن هجرا لك يا محمد ، وتتابع بعد ذللك نزول الآيات.

قبل بعثة النبي صلي الله عليه وسلم كان بالجزيرة عدد قليل من الموحدين ، كان منهم  زيد بن عمرو بن نفيل الذي إجتمع مع عدد من الموحدين وذهبوا يبحثون عن الدين الحق فتعرف علي اليهودية ورفضها ثم النصرانية ورفضها ايضا ، في النهاية قال : أشهد الله بأني على دين إبراهيم ، ولكن لا أعرف كيف أتعبد أو أصلي ، دخل مكة وأخذ يدعو إلى التوحيد وترك عبادة الأصنام ونهاهم عن تلبية الشرك وأكل الميته ، مات قبل البعثة بخمس سنوات ، قال عنه النبي " انه يبعث يوم القيامة أمة وحده .