المعجزة الكورية (2)

تحدثت في المقال السابق عن تجربة كوريا الجنوبية في النهوض الاقتصادي، حيث تناولت بعض الخطوات الهامه التي اتخذتها كوريا الجنوبية لكي تكون الاقتصاد الثالث عشر علي مستوي العالم الآن بإجمالي ناتج محلي يبلغ 1300 مليار دولار سنوياً، وهذا يمثل 7 أضعاف الاقتصاد المصري تقريبا. وأود اليوم التحدث عن أهم خطوه اتخذتها كوريا الجنوبية لتحقيق هذا الإنجاز ألا وهي: الاندماج الكامل في النظام الاقتصادي العالمي.
ففي القرن الحادي والعشرين لا توجد دوله متقدمة في العالم ليست مندمجة مع الآخرين. والأسلوب الأمثل للاندماج يتم من خلال جذب أكبر قدر من الشركات العالمية الكبرى والمعروفة باسم أكبر 500 شركة في العالم Fortune 500
Multinationals
الشركات العالمية هي التي تمتلك المعرفة، وكذلك تفوق ميزانيتها المخصصة للبحث العلمي والتطوير إمكانيات اي اقتصاد ناشئ. ففي قطاع تكنولوجيا المعلومات وحده تنفق أكبر عشر شركات فوق الـ 200 مليار دولار سنويا. وعلي هذا فإذا نجحت مصر في جذب الشركات الأكبر للاستثمار المباشر، فسوف نستفيد من هذا المليارات التي تُنفق. فيجب أن تكون أولوياتنا هي العمل مع الكبار وجذبهم بشتي الطرق إلي مصر وتحفيزهم بشكل ممنهج على نقل مراكز أبحاثهم إلي مصر. يجب أن نتعلم من هؤلاء ويجب أن تكون جميع الحوافز مصممه لهم. وإذا نجحنا في جذب العشر شركات الكبار في المجالات المهمة للاستثمار المباشر في مصر، فأنا علي يقين أنه خلال 5 سنوات فقط ستتمكن مصر من تحقيق نهضة اقتصادية شاملة. هكذا فعلت كوريا الجنوبية.... وهكذا تفعل فيتنام الآن.
إذا جاءت إلينا الشركات الكبرى ستتكون لدينا قاعده معرفية عملاقة، وسيصبح شبابنا علي اتصال مباشر مع التكنولوجيا الأحدث العالم. ويبقي السؤال عن ما هي المجالات الأهم لمصر الآن؟
إذا استعرضنا الاقتصاديات الأهم في العالم الآن سنجد أنها كلها تقريبا دول صناعية عظمي. فلا توجد دولة كبري نهضت بالسياحة مثلاً، ولا حتي بالزراعة. السياحة والزراعة في غاية الأهمية، ولكنها لن تبني اقتصاد قوي في القرن الحادي والعشرين. القوة الآن في الصناعة وفي التصدير. عندما يرغب العالم في استيراد منتجاتنا نكون قد نجحنا، وسيكون جذب الشركات العالمية الكبرى هو الحل. فهذه الشركات تملك الحل والأسواق الجاهزة التي تحمل علامتها التجارية ولكن بشعار "صنع في مصر".
إذاً الصناعة والتصدير هما الحل، ولكن ما هي الشركات الكبرى التي يجب علينا أنّ نجذبها؟ هناك 4 مجالات تعتبر هي الأهم علي مستوي العالم. الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وصناعة الدواء الذكي والدواء الحيوي، وصناعة الطاقة المتجددة، وأخيراً صناعات الهندسة الوراثية.
هذه هي صناعات المستقبل التي يجب أن نكون جزءا منها، ويجب علينا جميعا أن نعمل علي جذب هذه القطاعات الأربعة إلي مصر، وسوف أتطرق لكل صناعة علي حدة في مقالات قادمة إن شاء الله.